انقياده للعقل، وامتناعه لقبول حكمه، واستكباره تفوقه على الخلقة الطينية والملائكة السماوية والأرضية بعدم وقوفه على حده من إدراك المعاني الجزئية المتعلقة بالمحسوسات وتعديه عن طوره بخوضه في المعاني العقلية والأحكام الكلية. * (وكان من الكافرين) * المحجوبين في الأزل عن الأنوار العقلية والزوجية فضلا عن نور الوحدة.
[آية 35] * (وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة) * زوجته: هي النفس، وسميت حواء لملازمتها الجسم الظلماني إذ الحياة هي اللون الذي يغلب عليه السواد كما أن القلب سمي آدم لتعلقه بالجسم دون الملازمة بالانطباع إذ الأدمة هي السمرة أي: اللون الذي يضرب إلى السواد ولولا تعلقه لما سمي آدم. والجنة المأمور بملازمتهما إياها هي سماء عالم الروح التي هي روضة القدس أي ألزما سماء الروح.
* (وكلا منها رغدا حيث شئتما) * أي: توسعا وتفسحا في تلقي معانيها ومعارفها وحكمها التي هي الأقوات القلبية والفواكه الروحية توسعا بالغا على أي وجه ومن أي مرتبة وحال ومقام شئتما إذ هي دائمة غير منقطعة ولا محجورة * (فتكونا من الظالمين) * الواضعين النور في محل الظلمة الذي ليس موضعه والناقصين من نور استعدادكما وحظكما من عالم النور، فإن الظلم في العرف هو وضع الشيء في غير موضعه وفي اللغة نقص الحق والحظ الواجب.
[آية 36 - 37] * (فأزلهما الشيطان عنها) * أي: حملهما على الزلة من مقامهما إلى مهوى الطبيعة عن الجنة بتسويل الملاذ الجسمانية ودوامها عليهما * (فأخرجهما مما كان فيه) * من النعيم والروح الدائم. وقيل: بينما هما يتفرجان في الجنة إذ راعهما طاووس تجلى لهما على سور الجنة، فدنت حواء منه وتبعها آدم فوسوس لهما الشيطان من وراء الجدار. وقيل: توسل بحية تتسور الجنة فأخذ بذنبها وصعد الجنة. والأول إشارة إلى توسله من قبل الشهوة خارج الجنة. والثاني: إلى توسله بالغضب. وتسوره جدار الجنة: إشارة إلى أن الغضب أقرب إلى الأفق الروحاني والحيز القلبي من الشهوة.
* (وقلنا اهبطوا) * أي: ألزمناهم الهبوط إلى الجهة السفلية التي هي العالم الجسماني