فكما لم تسندوا الفعل إلى غيره لا تثبتوا صفة لغيره.
* (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) * طلبا لمرضاتي لا رجاء لثوابي، ومصداقه قوله:
* (واركعوا مع الراكعين) * إذ الركوع هو الخضوع والإذعان لما يفعل به فهو علامة الرضا الذي هو ميراث تجلي الصفات وغايته، أي: ارضوا بقضائي عند مطالعة صفاتي والتوجه عند القيام بالفعل علامة طلب الثواب والأجر لاستقلال النفس بصورتها، والسجود الذي هو غاية الخضوع علامة الفناء في الوحدة عند تجلي الذات.
[آية 44 - 48] * (أتأمرون الناس بالبر) * الذي هو الفعل الجميل الموجب لصفاء القلب، وزكاء النفس الزائد منها بالتنور * (وتنسون أنفسكم) * أفلا تفعلون ما ترتقون به من مقام تجلي الأفعال إلى تجلي الصفات * (وأنتم تتلون) * كتاب فطرتكم الذي يأمركم باتباع محمد في دينه السالك بكم سبيل التوحيد * (أفلا تعقلون) * تعيير بالغ، وتهييج لحميتهم.
* (واستعينوا) * واطلبوا العون والمدد ممن له القدرة، إذ لا قدرة لكم على أفعالكم * (بالصبر) * على ما تكرهون مما يفعل بكم وتكلفكم ونيتكم به لكي تصلوا إلى مقام الرضا * (والصلاة) * التي هي حضور القلب لتلقي تجليات الصفات * (وإنها) * وإن المراقبة أي الحضور القلبي * (لكبيرة) * لشاقة ثقيلة * (إلا على الخاشعين) * المنكسرة، اللينة قلوبهم لقبول أنوار التجليات اللطيفة واستيلاء سطوات التجليات القهرية، الذين يتيقنون أنهم بحضرة ربهم، أي: حضرة الصفات لدلالة الرب عليها في حال لقائه، * (وأنهم إليه راجعون) * بفناء صفاتهم ومحوها في صفاته.
كرر الخطاب ليفيد أن الذي هداهم أولا ولطف بهم وفضلهم على عالمي زمانهم المحجوبين بالهداية إلى رفع الحجاب الأول هو الذي يهديهم ثانيا، فكما لم يرد بهم شرا في الهداية الأولى فكذلك في الثانية لا يريد بهم إلا خيرا.
* (واتقوا يوما لا تجزي) * أي: حال تجلي صفة القهر حين لا تغني * (نفس عن نفس شيئا) * من الإغناء لعدم القدرة لأحد * (ولا يقبل منها شفاعة) * لعدم الشفاعة والمدد إذ كلهم مسلوبر الصفات والأفعال، كقوله:
* ولا ترى الضب بها ينجحر *