الأشقياء المردودين المختوم على قلوبهم، فلا يرفع لذلك رأسا ولا يلقى إليه سمعا.
[تفسير سورة الأنعام من آية 109 إلى آية 111 * (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية) * إلى آخره، طلبوا خوارق العادات وأعرضوا عن الحجج البينات، لأنهم كانوا محجوبين بالحس والمحسوس، فلم تنجع فيهم الدعوة بالحكمة والإثبات بالحجة كما تنجع في العقلاء والمستعدين. * (قل إنما الآيات) * أي: خوارق العادات التي اقترحوها إنما هي من عالم القدرة ليست إلا عنده * (وما يشعركم) * أنهم لا يؤمنون عند مجيئها، أي: أنا أعلم بهم منكم أنهم لا يؤمنون بها، أو وما يشعركم أنهم يؤمنون عند مجيئها لعلها إذا جاءت لا يؤمنون بها، ومن لم يرد الله منه الإيمان يقلب قلبه وبصره عند مجيء الآية التي اقترحها وزعم أنه يؤمن عند نزولها، فيقول: هذا سحر، ولا يؤمن به كما لا يؤمن قبل مجيء الآية ويذره في ظهور نفسه بصفاتها واحتجابه بها، ولهذا قال في آخر الآية الثانية: * (ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله) * يعني: من استعد للإيمان فهم المعقول وأدرك الحجة، وانفتحت عين بصيرته بأدنى نور من هداية الله وآمن بأدنى سبب، ومن لم يستعد لذلك ولم يخلق له لو رأى كل آية من خوارق العادات وغيرها ما آثر فيه * (ولكن أكثرهم يجهلون) * أن الإيمان بمشيئة الله لا بخوارق العادات، وفي الحقيقة لا اعتبار بالإيمان المرتب على مشاهدة خوارق العادات، فإنه ربما كان مجرد إذعان لأمر محسوس وإقرار باللسان وليس في القلب من معناه شيء كإيمان أصحاب السامري. والإيمان لا يكون إلا بالجنان، كما قال تعالى: * (قالت الأعراب ءامنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم) * [الحجرات، الآية: 14].
[تفسير سورة الأنعام من آية 112 إلى آية 114] * (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا) * إلى آخره، يلزم من ترتب مراتب الأرواح أن