تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٢٤١
إدراكات مثل إدراكات العقل والفكر وتركيبات تخيلية ومغالطات وهمية يعارضون بها البراهين الحقة حتى يؤمنوا بها ويذعنوا لها. * (الله أعلم حيث يجعل رسالته) * لا يضعها إلا مواضعها من القوى الروحانية المجردة من المواد الهيولانية * (سيصيب الذين أجرموا) * باحتجابهم ومكرهم في إضلالهم من استعد للهدى أو اهتدى من القلوب الصافية * (صغار عند الله) * بزوال قدرتهم وتمكنهم بخراب البدن * (وعذاب شديد) * بحرمانهم عما يلائمهم ووصول ما ينافيهم في المعاد الجسماني بسبب مكرهم.
* (فمن يرد الله أن يهديه) * من هذه القوى للانقياد للعقل * (يشرح صدره) * أي:
يسهل عليه ويجعل وجهه الذي يلي القلب ذا نتوء وسعة لقبول نوره وممكنا من استسلامه له * (ومن يرد أن يضله يجعل صدره) * يعسر عليه ويعجزه عن ذلك * (حرجا) * ذا ظلمة وقصور استعداد عن قبول النور كأنما يزاول أمرا ممتنعا في الاستنارة بنور القلب وطلب الفيض منه. على هذا التأويل الذي ذكرناه وعلى المعنى الظاهر المراد من الآية السابقة. فمن يرد الله أن يهديه للتوحيد يشرح صدره بقبول نور الحق وإسلام الوجود إلى الله بكشف حجب صفات نفسه عن وجه قلبه الذي يلي النفس، فيفسح لقبول نور الحق. ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا باستيلائها عليه وضغطها له * (كأنما يصعد) * في سماء روحه مع تلك الهيئات البدنية وذلك أمر محال.
* (كذلك يجعل الله) * رجس التلوث بلوث التعلقات المادية أو رجس التعذب بالهيآت البدنية * (على الذين لا يؤمنون) *.
[تفسير سورة الأنعام من آية 126 إلى آية 128] * (وهذا) * أي: طريق التوحيد وإسلام الوجه إلى الله * (صراط ربك مستقيما) * لا اعوجاج فيه بوجه من الوجوه يميل إلى جانب الصورة وإلى جانب المعنى أو إلى النظر إلى الغير والشرك به * (قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون) * المعارف والحقائق التي هي مركوزة في استعدادهم فيهتدوا بها * (لهم دار السلام) * السلامة من كل نقص وآفة وخوف ظهور صفة ووجود بقية * (عند ربهم) * في حضرة صفاته أو حضرة ذاته * (وهو وليهم) * يعطيهم محبته وكماله، ويدخلهم في ظل صفاته وذاته، ويجعلهم في أمانه بالبقاء السرمدي بعد فناء حدثانهم بسبب أعمالهم القلبية والقالبية في سلوكهم.
(٢٤١)
مفاتيح البحث: سورة الأنعام (1)، الظلم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 ... » »»