تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٢٢٧
* (وهو القاهر فوق عباده) * بتصرفه فيهم كما شاء وإفنائهم في عين الجمع المطلق إذ لا شيء إلا وهو مقهور فيه * (ويرسل عليكم حفظة) * هي قواهم التي ينطبع فيها كل حال بحسب الرسوخ وعدمه، فيظهر عليهم عند انسلاخهم عن البدن فيتمثل بصور تناسبها إما روحانية لطيفة توصل إليها الروح والثواب، وإما جسمانية مظلمة توصل إليها العذاب بل تظهر تلك الصور على جوارحها وأعضائها فتتشكل بهيآتها وتنطق عليهم بأعمالها بلسان الحال. والقوى السماوية التي أشرنا إليها وإلى انتقاش جميع الحوادث الجزئية فيها فتظهر عليهم بأسرها عند مفارقتها عن بدنها، لا تغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصتها عليهم وهي بأعيانها الرسل التي توفتهم عند الموت. والرد أيضا يكون في عين الجمع المطلق فإنه للجزاء * (وهو أسرع الحاسبين) * لوقوع حسابهم في آن وهو: توفيهم.
[تفسير سورة الأنعام من آية 63 إلى آية 65 * (قل من ينجيكم من ظلمات البر) * التي هي حجب الغواشي البدنية والصفات النفسانية * (و) * ظلمات * (البحر) * التي هي حجب صفات القلوب وفكر العقول * (تدعونه) * إلى كشفها * (تضرعا) * في نفوسكم * (وخفية) * في أسراركم * (لئن أنجيتنا من هذه) * الحجب * (لنكونن من) * الذين شكروا نعمة الإنجاء بالاستقامة والتمكين * (قل الله ينجيكم منها) * بكشف تلك الحجب بأنوار تجليات صفاته * (ومن كل كرب) * أي: ما بقي في استعدادكم بالقوة من كمالاتكم بإبرازها حتى لو كانت بقية من بقايا وجودكم كربا لكم لاستعدادكم للفناء والخلاص منها بالكلية لقوة الاستعداد وكمال الشوق لأنجاكم منها * (ثم أنتم) * بعد علمكم بهذا المقام الشريف وما ادخر لكم * (تشركون) * به أنفسكم وأهواءكم فتعبدونها.
* (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم) * باحتجابكم بالمعقولات والحجب الروحانيات * (أو من تحت أرجلكم) * باحتجابكم بالحجب الطبيعية * (أو يلبسكم شيعا) * أو يخلطكم فرقا متفرقة كل فرقة على دين قوة من قواكم هي أمامهم تقابل الفرقة الأخرى فيقع بينكم الهرج والمرج والقتال، أو فرقا مختلفة العقائد كل فرقة على دين دجال أو شيطان أنسي أو جني هو إمامهم، أو يجعل أنفسكم شيعا باستيلاء كل قوة من قواكم على القلب بطلب لذتها المخصوصة بها، إحداها تجذبه
(٢٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 ... » »»