تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٢٣٤
وغلطهم في حسبانهم أنهم قد فنوا عن أنفسهم وتجردوا عن ملابس أبدانهم مع شدة تعلقهم بها وقوة محبة الدنيا ورسوخ الهوى فيهم لأنهم ما ماتوا بالموت الإرادي والتجرد عن الشهوات واللذات البدنية، وما فنوا عن صفات نفوسهم ودواعيها حتى يسهل عليهم الموت الطبيعي * (والملائكة) * أي: قوى العالم التي كانت تمد قواهم النفسانية من النفوس الكوكبية والفلكية وتأثيراتها التي كانت تستولي عليهم في حياتهم مع ظنهم أنهم تخلصوا منها بالتجرد كما أشرنا إليه * (باسطو أيديهم) * قوية التأثير فيهم، بالغة فيه كنه قواها وقدرها * (أخرجوا أنفسكم) * أي: تعنفهم وتقهرهم لشدة تعكفهم وكثرة تحسرهم وصعوبة مفارقة الأبدان عليهم * (اليوم تجزون عذاب الهون) * والصغار بوجود صفات نفوسكم وهيآتها المظلمة المؤذية وحجب أنائيتكم وتفرعنكم كما قال: * (سيجزيهم وصفهم) * [الأنعام، الآية: 139] * (بما كنتم تقولون على الله غير الحق) * أي: بسبب افترائكم على الله، أعمالكم وأقوالكم الصادرة من صفات نفوسكم وأهوائها * (وكنتم عن آياته تستكبرون) * وبسبب احتجابكم بأنائيتكم وتفرعنكم معجبين بصفاتكم غير مذعنين بمحوها لصفاتنا محجوبين عنها بوجودها مستكبرين بها عنها.
* (ولقد جئتمونا فرادى) * مجردين عن الصفات والعلائق والأهل والأقارب والوجود بالاستغراق في عين جمع الذات * (كما خلقناكم أول مرة) * بإنشاء ذرات هوياتكم في الأزل عند أخذ الميثاق * (وتركتم ما خولناكم) * من الوسائل والعلوم والفضائل * (وراء ظهوركم وما نرى معكم) * وسائلكم وأسبابكم وما آثرتموه بهواكم وتعلقتم بها من محبوباتكم ومعبوداتكم * (الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء) * بمحبتكم إياها وتعبدكم لها ونسبتكم التأثير إليها واعتباركم واعتدادكم بها قد وقع التفرق بينكم بتغير الأحوال وتبدل الصور والأشكال * (وضل عنكم ما كنتم تزعمون) * شيئا موجودا بشهودكم ثناء الكل في الله.
[تفسير سورة الأنعام من آية 95 إلى آية 98] * (إن الله فالق) * حبة القلب بنور الروح عن العلوم والمعارف ونوى النفس بنور القلب عن الأخلاق والمكارم * (يخرج) * حي القلب عن ميت النفس تارة باستيلاء نور الروح عليها * (ومخرج) * ميت النفس عن حي القلب أخرى بإقباله عليها واستيلاء
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»