تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٢٢٩
يحاسب به من أعمالهم ووبالها من شيء ولكن فليذكروهم بالزجر والنهي لعلهم يحترزون عنها.
* (وذر الذين اتخذوا) * أي: اترك الذين دينهم وعاداتهم الهوى واللهو لأنهم لا يرفعون بذلك رأسا لرسوخ ذلك الاعتقاد فيهم واغترارهم بالحياة الحسية وأعرض عنهم وأنذر بالقرآن كراهة أن تحجب نفس بكسبها، أي: لا يكون دينها وديدنها ذلك ولم ترسخ تلك العقيدة فيها لكن ترتكب بالميل الطبيعي أفعالا من أفعالهم فتحتجب بسببها فإنها تتأثر به وتتعظ فتنتهي، فأنذرها حتى لا تصير مثلهم فتحبس بعملها عن الهداية وحينئذ لا يقبل منها فدية إذ حجبت بكسبها. والشراب الحميم هو شدة شوقها إلى الكمال لقوة استعدادها. والعذاب الأليم حرمانها عنه باحتجابها بأعمالها وهيآتها.
[تفسير سورة الأنعام من آية 71 إلى آية 73] * (قل أندعو من دون الله) * أي: أنعبد ما لا قدرة ولا وجود له حقيقة فينفع أو يضر * (ونرد) * إلى الشرك * (على أعقابنا بعد إذ هدانا الله) * الهداية الحقيقية إلى التوحيد * (كالذي) * ذهبت به شياطين الوهم والتخيل في مهمة أرض النفس * (حيران) * لا يدري أين يمشي وما يصنع بلا طريق ولا مقصد * (له أصحاب) * رفقاء من الفكر والعاقلة العملية والنظرية * (يدعونه إلى الهدى) * يقولون * (ائتنا) * فإن هذا هو الطريق ولا يسمع لارتتاق سمع قلبه بالهوى * (قل إن) * هداية الله التي هي طريق التوحيد * (هو الهدى) * لا غير * (وأمرنا لنسلم لرب العالمين) * لننقاد لصفة الربوبية بمحو صفاتنا في المتجلى بها وإسلامها إليه ونقيم صلاة الحضور القلبي ونتقيه ونجعله وقاية لنا في الصفات ليكون هو الموصوف به، فنتخلص به عن وجودنا فيكون هو المحشور إليه بذاته عند فنائنا فيه.
* (وهو الذي خلق) * سماوات الأرواح وأرض الجسم قائما بالعدل الذي هو مقتضى ذاته * (ويوم يقول كن فيكون) * أي: وقت السرمدي الذي هو أزل آزال ظهور الأشياء في أزلية ذاته التي هي أزلية الأزل مطلقا وهو حين تعلق إرادته القديمة بالظهور في تعينات ذاته المعبر عنه يقوله: كن، وهو بعد أزلية الآزال بالاعتبار العقلي لا أنها
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»