تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٢٢٥
عليه السلام: * (ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا) * [هود، الآية: 31] بل الخير كل الخير ما آتاهم الله * (أليس الله بأعلم بالشاكرين) * الذين يشكرونه بالحقيقة باستعمال نعمة وجودهم وصفاتهم وجوارحهم وما يقوم به من أرزاقهم ومعايشهم في طاعة الله فشكروه بإزاء النعمة الخارجية بالعبادة وتصورها من المنعم وصرفها في مراضي الله، وبإزاء نعمة الجوارح باستعمالها في عبادته وسلوك طريقه وتحصيل معرفته ومعرفة صفاته، وبإزاء نعمة الصفات بمحوها في الله والاعتراف بالعجز عن معرفته وشكره وعبادته، وبإزاء نعمة الوجود بالفناء في عين الشهود حتى شكر الله سعيهم بالوجود الموهوب الحقاني، وعلمهم أنه الشاكر المشكور لنفسه بنفسه، لا يقدر على شكره أحد إلا هو، فقالوا: سبحانك ما عرفناك حق معرفتك، سبحانك ما عبدناك حق عبادتك، وذلك هو علمه بشكرهم وجزاؤه منه.
[تفسير سورة الأنعام من آية 54 إلى آية 58] * (وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا) * بمحو صفاتهم * (فقل سلام عليكم) * لتنزهكم عن عيوب صفاتكم وتجردكم عن ملابسها * (كتب ربكم على نفسه الرحمة) * ألزم ذاته إبدال صفاتكم بصفاته رحمة لكم، لأن في الله خلفا عن كل ما فات * (أنه من عمل منكم سوءا بجهالة) * أي: ظهر عليه في تلوينه صفة من صفاته بغيبة وغفلة، ثم رجع عن تلوينه من بعد ظهور تلك الصفة وفاء إلى الحضور فعرفها وقمعها بالإنابة إلى الله والتضرع بين يديه والرياضة * (فإنه غفور) * يسترها عنه * (رحيم) * يرحمه بهبة التمكين ونعمة الاستقامة. * (وكذلك نفصل الآيات) * أي: مثل ذلك التبيين الذي بينا لهؤلاء المؤمنين نبين لك صفاتنا * (ولتستبين سبيل) * المحجوبين بصفاتهم الذين يفعلون ما يفعلون بها وذلك إجرامهم. * (قل إني نهيت أن أعبد) * ما سوى الله من الذين تعبدون بهواكم من مال أو نفس أو شهوة أو لذة بدنية أو غير ذلك، فلا * (أتبع أهواءكم) * بعبادتها فأضل إذا باحتجابي بها فلا أهتدي إلى التوحيد ومعنى الماضي أنه تحقق ضلالي على هذا التقدير وما أنا من الهدى في شيء.
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»