تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٢١٨
المحسوسات الفانية الظلمانية * (فهم لا يؤمنون) * * (قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم) * قال ذلك مع قوله: * (ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا) * [النحل، الآية:
123]، وكذلك قال موسى: * (سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين) * [الأعراف، الآية:
143] لأن مراتب الأرواح مختلفة في القرب والبعد من الهوية الإلهية. وكل من كان أبعد فإيمانه بواسطة من تقدمه في الرتبة، وأهل الوحدة كلهم في المرتبة الإلهية أهل الصف الأول فكان إيمانهم بلا واسطة وإيمان غيرهم بواسطتهم الأقدم فالأقدم، وكل من كان إيمانه بلا واسطة فهو أول من آمن وإن كان متأخر الوجود بحسب الزمان كما قال النبي عليه صلى الله عليه وسلم: ' نحن الآخرون السابقون '. فلا يقدح اتباعه لملة إبراهيم في سابقيته لأن معنى الاتباع هو السير في طريق التوحيد مثل سيره في الزمان الأول. ومعنى أوليته كونه في الصف الأول مع السابقين.
[تفسير سورة الأنعام من آية 18 إلى آية 21] * (وهو القاهر فوق عباده) * بإفنائهم ذاتا وصفة وفعلا بذاته وصفاته وأفعاله، فيكون قهره عين لطفه كما لطف بهم بإيجادهم وتمكينهم وإقدارهم على أنواع التمتعات وهيأ لهم ما أرادوا من أنواع النعم والمشتهيات فحجبوا بها عنه وذلك عين قهره. فسبحان الذي اتسعت رحمته لأوليائه في شدة نقمته واشتدت نقمته على أعدائه في سعة رحمته * (وهو الحكيم) * يفعل ما يفعل من القهر الظاهر المتضمن للطف الواسع أو اللطف الظاهر المتضمن للقهر الكامل بالحكمة * (الخبير) * الذي يطلع على خفايا أحوالهم واستحقاقها للطف والقهر * (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا) * بإثبات وجود غيره * (أو كذب) * بصفاته بإظهار صفات نفسه، فأشرك به. وغاية الظلم الشرك بالله * (إنه لا يفلح الظالمون) * لاحتجابهم بما وضعوه في موضع ذات الله وصفاته.
[تفسير سورة الأنعام من آية 22 إلى آية 29
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»