شئ من العبادات الغير المكروهة، وهو بعيد.
وأيضا، لو كانت الكراهة فيها بمعنى قلة الثواب، فلم كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) يتركونها أبدا، وينهون الناس عنها (1)؟ إذ قلة الثواب لا تقتضي ذلك، سيما فيما لا بدل له، إذ فيه تفويت ثواب بلا عوض، وهو ظاهر!
وقال الفاضل الكامل المحقق الأردبيلي (رحمه الله) في كتاب الصوم من " آيات الأحكام " في أثناء بحث الصوم في السفر:
.. ويجعل بعضهم - بل أكثرهم - الصوم الغير الواجب في السفر مكروها، وبين ذلك بعضهم بأنه أقل ثوابا، إذ لا تكون العبادات إلا راجحة أو حراما، فلو كانت جائزة مكروهة لكان بالمعنى الذي مر. وذلك غير واضح، إذ العبادة كما يجوز كونها حراما (2) يجوز كونها مكروهة بالمعنى المحقق (3) أيضا، إلا أن يقال باعتبار النية، فيحرم لأنه تشريع، فتأمل. فالظاهر في الصوم سفرا إما التحريم مطلقا إلا ما ثبت استثناؤه، أو الكراهة بمعناها المتعارف في الأصول، بمعنى أنه لو لم يصم لكان أحسن من الصوم - أي عدمه خير من وجوده - ولا يعاقب عليه، ولا مانع في العقل أن يقول (4) الشارع ذلك للمكلف، وقد ثبت في الأخبار كثيرا النهي عنه سفرا، ولم يثبت ما يدل على الرجحان بخصوصه إلا ما روي في خبرين ضعيفين جدا من فعل أحد الأئمة (عليهم السلام) في صوم شعبان سفرا (5)، وليس بصريح