الرسائل الفقهية - الوحيد البهبهاني - الصفحة ١٥٩
النية، لأنه لا يمكن نية التقرب فيحرم فعلها بهذا النية، فيكون تشريعا، إذ فعل ما لم يطلبه الشارع، بل طلب عدمه بقصد أنه مطلوب الشارع وهو موجب التقرب إليه تشريع، فلا يمكن تحقق عبادة مكروهة. وكأن قوله: فتأمل، إشارة إلى إمكان دفعه: أما فيما له بدل فظاهر، وأما فيما لا بدل له فبما قدرنا.
هذا، ثم إنه إشارة إلى أن كراهتها بالمعنى المتعارف في الصوم في السفر وأمثاله إنما هو بمعنى أن فعله - أي فعل خصوصه - مرجوح ليس فيه فضيلة، بل عدمه خير من وجوده وإن كان لمطلقه رجحان، لا بمعنى أن للفعل المخصوص أيضا ثواب إلا أن ثواب تركه أكثر منه.
وتمسك في ذلك بأنه ليس الفطر عبادة في السفر في غير الواجب - كما هو المشهور - ويبعد أن يكون الإنسان مثابا بالإفطار في السفر بثواب أكثر من ثواب الصوم فيه.
هذا، فإن قلت: إنه (رحمه الله) يجوز القول بحرمة الصوم في السفر، بل يقويه، وحينئذ يكون للفطر فيه ثواب كثير، على ما هو المشهور، وكيف يقول بمثل هذا الثواب فيه ويستبعد القول بتحقق الثواب فيه في الجملة؟!
قلت: يحتمل أن يكون بناء كلامه على عدم تسليم وجوب ترتب الثواب على ترك كل محرم ومكروه، وقد أشرنا إلى وجه ذلك فيما علقناه على " شرح المختصر "، وفيه بعد، وإلا ظهر أن مراده أن القول بأن الفطر في السفر في نفسه - مع قطع النظر عن كونه ترك الصوم - عبادة ويكون الصوم عبادة أخرى لكن يكون ثواب الفطر أكثر من ثوابه، بعيد.
وأما القول بأن فيه ثوابا باعتبار كونه ترك الصوم الحرام، فلا بعد فيه، وكذا لو قيل: لكراهة الصوم في السفر، وقيل: ترتب ثواب في الجملة على الفطر
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»
الفهرست