ذكر الآية السادسة عشر:
قوله تعالى: * (قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه) * الآية اختلف العلماء في حكم هذه الآية على قولين:
الأول: أن المعنى لا أجد محرما مما كنتم تستحلون في الجاهلية إلا هذا قاله طاوس ومجاهد.
والثاني: أنها حصرت المحرم فليس في الحيوانات محرم إلا ما ذكر فيها. ثم اختلف أرباب هذا القول. فذهب بعضهم إلى أنها محكمة وأن العمل على ما ذكر فيها فكان ابن عباس لا يرى بلحوم الحمر الأهلية بأسا ويقرأ هذه الآية ويقول:
ليس بشئ حراما إلا ما حرمه الله في كتابه.
وهذا مذهب عائشة والشعبي وذهب آخرون إلى أنها نسخت بما ذكر في المائدة من المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع وقد رد قوم هذا القول بأن قالوا كل هذا داخل في الميتة وقد ذكرت الميتة ها هنا فلا وجه للنسخ وزعم قوم أنها نسخت بآية المائدة وبالسنة من تحريم الحمر الأهلية وكل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير وهذا ليس بصحيح أما آية المائدة فقد ذكرنا أنها داخلة في هذه الآية.
وأما ما ورد في السنة فلا يجوز أن يكون ناسخا لأن مرتبة القرآن لا يقاومها أخبار الآحاد ولو قيل: إن السنة خصت ذلك الإطلاق أو ابتدأت حكما كان أصلح وإنما الصواب عندنا أن يقال: هذه الآية نزلت بمكة ولم تكن الفرائض قد تكاملت ولا المحرمات اليوم قد تتامت ولهذا قال: * (في ما أوحي) * على لفظ الماضي وقد كان حينئذ من قال: لا إله إلا الله ثم مات دخل الجنة فلما جاءت الفرائض