غافر (5 - 3)) غافر الذنب وقابل التوب لمن قال لا إله إلا الله شديد العقاب لمن لا يقول لا إله إلا الله والتوب والثوب والاوب أخوات في معنى الرجوع والطول والغنى والفضل فان قلت كيف اختلفت هذه الصفات تعريفا وتنكيرا والموصوف معرفة قلت اما غافر الذنب وقابل التوب فمعرفتان لأنه ثم يرد بهما حدوث الفعلين حتى يكونا في تقدير الانفصال فتكون اضافتهما غير حقيقية وانما أريد ثبوت ذلك ودوامه واما شديد العقاب فهو في تقدير شديد عقابه فتكون نكرة فقيل هو بدل وقيل لما وجدت هذه النكرة بين هذه المعارف اذنت بان كلها ابدال غير أوصاف وادخال الواو في وقابل للتوب لنكتة وهي إفادة الجمع المذنب التائب بين رحمتين بين ان يقبل توبته فيكتبها له طاعة من الطاعات وان يجعلها محاءة للذنوب كان لم يذنب كأنه قال جامع المغفرة والقبول وروى أن عمر رضي الله عنه افتقد رجلا ذا باس شديد من أهل الشام فقيل له تتابع في هذا الشراب فقال عمر لكاتبه اكتب من عمر إلى فلان سلام عليك وانا احمد إليك الله الذي لا إله إلا هو بسم الله الرحمن الرحيم حم إلى قوله اليه المصير وختم الكتاب قال لرسوله لا تدفعه اليه حتى تجده صاحيا ثم امر من عنده بالدعاء له بالتوبة فلما اتته الصحيفة جعل يقرؤها ويقول قد وعدني الله ان يغفر لي وحذرني عقابه فلم يبرح يرددها حتى بكى ثم نزع فأحسن النزوع وحسنت توبته فلما بلغ عمر امره قال هكذا فاصنعوا إذا رأيتم أخاكم قد زل زلة فسددوه ووقفوه وادعوا له الله ان يتوب عليه ولا تكونوا أعوانا للشياطين عليه * (لا إله إلا هو) * صفة أيضا لذي الطول ويجوز ان يكون مستأنفا * (إليه المصير) * المرجع * (ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا) * ما يخاصم فيها بالتكذيب بها والانكار لها وقد دل على ذلك في قوله وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فاما الجدال فيها لا يضاح ملتبسها وحل مشكلها واستنباط معانيها ورد أهل الزيغ بها فأعظم جهاد في سبيل الله * (فلا يغررك تقلبهم في البلاد) * بالتجارات النافقة والمكاسب المربحة سالمين غانمين فان عاقبة امرهم إلى العذاب ثم بين كيف ذلك فاعلم أن الأمم الذين كذبت قبلهم أهلكت فقال * (كذبت قبلهم قوم نوح) * نوحا * (والأحزاب) * أي الذين تحزبوا على الرسل وناصبوهم وهم عادو ثمود وقوم لوط وغيرهم * (من بعدهم) * من بعد قوم نوح * (وهمت كل أمة) * من هذه الأمم التي هي قوم نوح والأحزاب * (برسولهم ليأخذوه) * ليتمكنوا منه فيقتلوه والاخيذ الأسير * (وجادلوا بالباطل) * بالكفر * (ليدحضوا به الحق) * ليبطلوا به الايمان * (فأخذتهم) * مظهر مكي وحفص يعنى انهم قصدوا اخذه فجعلت جزاءهم على إرادة اخذ الرسل ان اخذتهم فعاقبتهم * (فكيف كان عقاب) * وبالياء يعقوب أي فإنكم تمرون على بلادهم
(٦٦)