الزمر (67 - 64)) وهو على كل شئ قدير وتأويله على هذا ان لله هذه الكلمات يوحد بها ويمجد وهي مفاتيح خير السماوات والأرض من تكلم بها من المتقين اصابه والذين كفروا بآيات الله وكلمات توحيده وتمجيده أولئك هم الخاسرون * (قل) * ان دعاك إلى دين ابائك * (أفغير الله تأمروني أعبد) * تأمروني مكي تامرونني على الأصل شامي تأمروني مدني وانتصب أفغير الله باعبد وتامروني اعتراض ومعناه أفغير الله اعبد يأمرك بعد هذا لبيان * (أيها الجاهلون) * بتوحيد الله * (ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك) * من الأنبياء عليهم السلام * (لئن أشركت ليحبطن عملك) * الذي عملت قبل الشرك * (ولتكونن من الخاسرين) * وانما قال لئن أشركت على التوحيد والموحى إليهم جماعة لان معناه أوحى إليك لئن أشركت ليحبطن عملك والى الذين من قبلك مثله واللام الأولى موطئة للقسم المحذوف والثانية لام الجواب وهذا الجواب ساد مسد الجوابين اعني جواب القسم والشرط وانما صح هذا الكلام مع علمه تعالى بان رسله لا يشركون لان الخطاب للنبي عليه السلام والمراد به غيره ولأنه على سبيل الفرض والمحالات يصح فرضها وقيل لئن طالعت غيري في السر ليحبطن ما بيني وبينك من السر * (بل الله فاعبد) * رد لما امروه به من عبادة الهتهم كأنه قال لا تعبد ما أمروك بعبادته بل إن عبدت فاعبد الله فحذف الشرط وجعل تقديم المفعول عوضا عنه * (وكن من الشاكرين) * على ما أنعم به عليك من أن جعلك سيد ولد ادم * (وما قدروا الله حق قدره) * وما عظموه حق عظمته إذ دعوك إلى عبادة غيره ولما كان العظيم من الأشياء إذا عرفه الانسان حق معرفته وقدره في نفسه حق تقديره عظمه حق تعظيمه قيل وما قدروا الله حق قدره ثم نبههم على عظمته وجلالة شانه على طريقة التخييل فقال * (والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه) * والمراد بهذا الكلام إذا اخذته كما هو بجملتيه ومجموعة تصوير عظمته والتوقيف على كنه جلاله لا غير من غير ذهاب بالقبضة ولا باليمين إلى جهة حقيقة أو جهة مجاز والمراد بالأرض الأرضون السبع يشهد لذلك قوله جميعا وقوله والسماوات ولان الموضع موضع تعظيم فهو مقتض للمبالغة والأرض مبتدأ وقبضته الخبر وجميعا منصوب على الحال أي والأرض إذا كانت مجتمعة قبضته يوم القيامة والقبضة المرة من القبض والقبضة المقدار المقبوض بالكف ويقال أعطني قبضة من كذا تريد معنى القبضة تسمية بالمصدر وكلا المعنيين محتمل والمعنى والأرضون جميعا قبضته أي ذوات قبضته يقبضهن قبضة واحدة يعني ان الأرضين مع عظمهن وبسطهن لا يبلغن الا قبضة واحدة من قبضاته كأنه يقبضها
(٦٢)