تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٤٧٦
سورة الأعلى (5 14) (فجعله) بعد الخضرة (غثاء) هشيما باليا كالغثاء الذي تراه فوق السيل (أحوى) أسود بعد لخضرة وذلك أن الكلأ إذا جف ويبس أسود (سنقرئك) سنعلمك بقراءة جبريل عليك (فلا تنسى إلا ما شاء الله) أن تناسه وما نسخ الله تلاوته من القرآن كما قال (ما ننسخ من آية أو ننسها) والإنساء نوع من النسخ وقال مجاهد والكلبي كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه جبريل لم يفرغ من آخر الآية حتى يتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأولها مخافة أن ينساها فأنزل الله (سنقرئك فلا تنسى) فلم ينس بعد ذلك شيئا (إنه يعلم الجهر) من القول والفعل (وما يخفى) منهما والمعنى أنه يعلم السر والعلانية (ونيسرك لليسرى) قال مقاتل نهون عليك عمل الجنة وهو معنى قول ابن عباس نيسرك لأن تعمل خيرا واليسرى عمل الخير وقيل نوفقك للشريعة اليسرى وهي الحنيفية السمحة وقيل هو متصل بالكلام الأول معناه أنه يعلم الجهر مما تقرأه على جبريل إذا فرغ من التلاوة وما يخفى ما تقرأ في نفسك مخافة النسيان ثم وعده فقال (ونيسرك لليسرى) أي نهون عليك الوحي حتى تحفظه وتعلمه (فذكر) عظ بالقرآن (إن نفعت الذكرى) الموعظة والتذكير والمعنى نفعت أو لم تنفع ولم يذكر الحالة الثانية كقوله (سرابيل تقيكم الحر) وأراد الحر والبرج جميعا (سيذكر) سيتعظ (من يخشى) الله عز وجل (ويتجنبها) أي يتجنب الذكرى ويتباعد عنها (الأشقى) الشقي في علم الله (الذي يصلى النار الكبرى) العظيمة والفظيعة لأنها أعظم وأشد حرا من نار الدنيا (ثم لا يموت فيها) فيستريح (ولا يحيى) حياة تنفعه (قد أفلح من تزكى) تطهر من الشرك وقال لا إله إلا الله هذا قول عطاء وعكرمة ورواية الوالبي وسعيد بن جبير عن ابن عباس وقال الحسن من كان عمله زاكيا وقال آخرون هو صدقة الفطر روي عن أبي سعيد الخدري في قوله (قد أفلح من تزكى) قال أعطى صدقة الفطر
(٤٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 471 472 473 474 475 476 477 478 479 480 481 ... » »»