تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٤٦١
سورة المطففين (21 27) الكرامة وهو معنى قول مقاتل وقيل رقم لهم بخير وتقدير الآية على التقديم والتأخير مجازها إن كتاب الأبرار كتاب مرقومن في عليين وهو محل الملائكة ومثله كتاب الفجار كتاب مرقوم ف سجين وهو محل إبليس وجنده (يشهده المقربون) يعني الملائكة الذين في عليين يشهدون ويحضرون ذلك المكتوب وذلك الكتاب إذا صعد به إلى عليين (إن الأبرار لفي نعيم على الأرائك ينظرون) إلى ما أعطاهم الله من الكرامة والنعمة وأقل مقاتل ينظرون إلى عدوهم كيف يعذبون ( تعرف في وجوهم نضرة النعيم) إذا رأيتهم عرفت أنهم من أهل النعمة مما ترى في وجوههم من النور والحسن والبياض قال الحسن النضرة في الوجه والسرور في القلب وقرأ أبو جعفر ويعقوب (تعرف) بضم التاء وفتح الراء على غير تسمية الفاعل (نضرة) رفع وقرأ الباقون بفتح التاء وكسر الراء (نضرة) نصب (يسقون من رحيق) خمر صافية طيبة قال مقاتل الخمر البيضاء (مختوم) ختم ومنع من أن تمسه يد إلى أن يفك ختمه الأبرار قال مجاهد (مختوم) أي مطين (ختامه) أي طينه (مسك) كأنه ذهب إلى هذا المعنى قال ابن زيد ختامه عند الله مسك وختام الدنيا طين وقال ابن مسعود مختوم أي ممزوج ختامه أي آخر طعمه وعاقبته مسك فالمختوم الذي له ختام أي آخر وختم كل شيء الفراغ منه وقال قتادة يمزج لهم بالكافور ويختم بالمسك وقراءة العامة (ختامه مسك) بتقديم التاء وقرأ الكسائي (خاتمه) وهي قراءة علي وعلقمة ومعناهما واحد كما ياقل فلان كريم الكابع والطباع والخاتم والختام آخر كل شيء (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) فليرغب الراغبون بالمبادرة إلى طاعة الله عز وجل وقال مجاهد فليعمل العاملون نظيره قوله تعالى (لمثل هذا فليعمل العاملون) وقال مقاتل بن سليمان فليتنازع المتنازعون وقال عطاء فليستبق المستبقون وأصله من الشيء النفيس الذي تحرص عليه نفوس الناس ويرديه كل أحد لنفسه وينفس به على غيره أي يضن (ومزاجه من تسنيم) شراب ينصب عليهم من علو في غرفهم ومنازلهم وقيل يجري في الهواء متسنما فينصب في أواني أهل الجنة على قدر مثلها فإذا امتلأت أمسك وهذا معنى قول قتادة وأصل كلمة
(٤٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 456 457 458 459 460 461 462 463 464 465 466 ... » »»