تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٤٢١
القيامة الآية 4 5 2 (ولا أقسم بالنفس اللوامة) بالألف وكذلك قرأ عبد الرحمن الأعرج على معنى أنه أقسم بيوم القيامة ولم يقسم بالنفس اللوامة والصحيح أنه أقسم بهما جميعا و (لا) صلة فيهما أي أقسم بيوم القيامة وبالنفس اللوامة وقال أبو بكر بن عياش هو تأكيد للقسم كقولك لا والله وقال الفراء لا رد لكلام المشركين المنكرين ثم ابتدأ فقال أقسم بيوم القيامة وأقسم بالنفس اللوامة وقال المغيرة بن شعبة يقولون القيامة وقيامة أحدهم موته وشهد علقمة جنازة فلما دفنت قال أما هذا فقد قامت قيامته (ولا أقسم بالنفس اللوامة) قال سعيد بن جبير وعكرمة تلوم على الخير والشر ولا تصبر على السراء والضراء قال قتادة اللوامة الفاجرة قال مجاهد تندم على ما فات وتقول لو فعلت ولو لم أفعل قال الفراء ليس من نفس برة ولا فاجرة إلا وهي تلوم نفسها إن كانت عملت خيرا قالت هلا ازددت وإن عملت شرا قالت ليتني لم أفعل قال الحسن هي النفس المؤمنة قال إن المؤمن والله ما تارة إلا يلوم نفسه ما أردت بكلامي ما أردت بأكلتي وإن الفاجر يمضي قدما لا يحاسب نفسه ولا يعاتبها قال مقاتل هي النفس الكافرة تلوم نفسها في الآخرة على ما فرطت في أمر الله في الدنيا 3 (أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه) نزلت في عدي بن ربيعة حليف بني زهرة ختن الأخنس بن شريق الثقفي وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول اللهم اكفني جاري السوء يعني عديا والأخنس وذلك أن عدي بن ربيعة أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد حدثني عن القيامة متى تكون وكيف أمرها وحالها فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم فقال لو عاينت ذلك اليوم لم أصدقك ولم أؤمن بك أو يجمع الله العظام فأنزل الله عز وجل (أيحسب الإنسان) يعني الكافر (أن لن تجمع عظامه) بعد التفرق والبلى فنحييه قيل ذكر العظام وأراد نفسه لأن العظام قالب النفس لا يستوي الخلق إلا باستوائها وقيل هو خارج على قول المنكر أو يجمع الله العظام كقوله (قال من يحيي العظام وهي رميم) 4 (بلى قادرين) أي نقدر استقبال صرف إلى الحال قال الفراء (قادرين) نصب على الخروج من نجمع كما تقول في الكلام أتحسب أن لا نقدر عليك بلى قادرين على أقوى منك يريد بل قادرين على أكثر من ذا مجاز الآية بلى نقدر على جمع عظامه وعلى ما هو أعظم من ذلك وهو (على أن نسوي بنانه) أنامله فنجعل أصابع يديه ورجليه شيئا واحدا كخف البعير وحافر الحمار فلا يرتفق بها بالقبض والبسط والأعمال اللطيفة كالكتابة والخياطة وغيرها هذا قول أكثر المفسرين وقال الزجاج وابن قتيبة معناه ظن الكافر أنا لا نقدر على جمع عظامه بلى نقدر على أن نعيد السلاميات على صغرها فنؤلف بينها حتى نسوي البنان فمن قدر على جمع صغار العظام فهو على جمع كبارها أقدر 5 (بل يريد الإنسان ليفجر أمامه) يقول لا يجهل ابن آدم أن ربه قادر على جمع عظامه لكنه يريد أن يفجر أمامه أي يمضي قدما في الله ما عاش راكبا رأسه لا ينزع عنها ولا يتوب هذا قول مجاهد والحسن وعكرمة والسدي وقال سعيد بن جبير ليفجر أمامه يقدم على الذنب ويؤخر التوبة فيقول سوف أتوب سوف
(٤٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 416 417 418 419 420 421 422 423 424 425 426 ... » »»