تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٣٦٥
واعجبا لك يا ابن عباس هما عائشة وحفصة ثم استقبل عمر الحديث يسوقه فقال إني كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد وهي من عوالي المدينة وكنا نتناوب النزول على النبي صلى الله عليه وسلم فينزل يوما وأنزل يوما فإذا نزلت حدثته بما حدث من خبر ذلك اليوم من الأمر أو غيره وإذا نزل فعل مثله وكنا معشر قريش نغلب النساء فلما قدمنا على الأنصار إذا هم قوم تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يأخذن من أدب نساء الأنصار فصحت على امرأتي فراجعتني فأنكرت أن تراجعني فقالت ولم تنكر أن أراجعك فوالله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه وإن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل فأفزعني فقلت خابت من فعلت منهن بعظيم ثم جمعت علي ثيابي فدخلت على حفصة فقلت أي حفصة أتغاضب إحداكن النبي صلى الله عليه وسلم حتى الليل فقالت نعم فقلت خابت وخسرت أفتأمنين أن يغضب الله تعالى لغضب رسوله فتهلكي لا تستكثري على النبي صلى الله عليه وسلم ولا تراجعيه في شيء ولا تهجريه وسليني ما بدا لك ولا يغرنك إن كانت جارتك هي أوضأ منك وأحب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يريد عائشة قال عمر وكنا تحدثنا أن غسان تبعث الخيل لتغزونا فنزل صاحبي يوم نوبته فرجع عشاء فضرب بابي ضربا شديدا وقال أثم هو ففزعت فخرجت إليه فقال حدث أمر عظيم فقلت ما هو أجاءت غسان قال لا بل أعظم منه وأطول طلق النبي صلى الله عليه وسلم نساءه فقلت قد خابت حفصة وخسرت كنت أظن أن هذا يوشك أن يكون فجمعت علي ثيابي فصليت صلاة الفجر مع النبي صلى الله عليه وسلم فدخل مشربة له فاعتزل فيها فدخلت على حفصة فإذا هي تبكي فقلت ما يبكيك أولم أكن حذرتك أطلقكن النبي صلى الله عليه وسلم قالت لا أدري هو ذا في المشربة فخرجت فجئت المنبر فإذا حوله رهط يبكي بعضهم فجلست معهم قليلا ثم غلبني ما أجد فجئت المشربة التي فيها النبي صلى الله عليه وسلم فقلت لغلام له أسود استأذن لعمر فدخل فكلم النبي صلى الله عليه وسلم ثم رجع إلي فقال قد كلمت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرتك له فصمت فانصرفت حتى جلست مع الرهط الذين عند المنبر ثم غلبني ما أجد فجئت فقلت للغلام استأذن لعمر فدخل ثم رجع إلي فقال قد ذكرتك له فصمت فرجعت فجلست مع الرهط الذين عند المنبر ثم غلبني ما أجد فجئت الغلام فقلت استأذن لعمر فاستأذن ثم رجع إلي فقال قد ذكرتك له فصمت فلما وليت منصرفا فإذا الغلام يدعوني فقال قد أذن لك النبي صلى الله عليه وسلم فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو مضطجع على رمال حصير ليس بينه وبينه فراش قد أثر الرمال بجنبه متكئا على وسادة من أدم حشوها ليف فسلمت عليه ثم قلت وأنا قائم يا رسول الله أطلقت نساءك فرفع إلي بصره فقال لا فقلت الله أكبر ثم قلت وأنا قائم أستأنس يا رسول الله لو رأيتني وكنا معشر قريش نغلب النساء فلما قدمنا المدينة إذا قوم تغلبهم نساؤهم فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قلت يا رسول الله لو رأيتني ودخلت على حفصة فقلت لها لا يغرنك إن كانت جارتك أوضأ منك وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد عائشة فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم تبسمة أخرى فجلت حين رأيته يتبسم فرفعت بصري في بيته فوالله ما رأيت فيه شيئا يرد البصر غير أهبة ثلاة فقلت يا رسول الله ادع الله تعالى فليوسع على أمتك فإن فارس والروم قد وسع عليهم وأعطوا من الدنيا وهم لا يعبدون الله تعالى فجلس النبي صلى الله عليه وسلم وكان متكئا فقال \ أو في هذا أنت يا ابن الخطاب إن أولئك قوم عجلوا طيباتهم في الحياة الدنيا \ فقلت يا رسول الله
(٣٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 ... » »»