تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٣٠٠
الحديد الآية 26 27 المعاني معنى قوله (أنزلنا الحديد) أنشأنا وأحدثنا أي أخرج لهم الحديد من المعادن وعلمهم صنعته بوحيه وقال قطرب هذا من النزل كما يقال أنزل الأمير على فلان نزلا حسنا فمعنى الآية أنه جعل ذلك نزلا لهم ومثله قوله (وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج) (فيه بأس شديد) قوة شديدة يعني السلاح للحرب قال مجاهد فيه جنة وسلاح يعني آلة وآلة الضرب (ومنافع للناس) مما ينتفعون به في مصالحهم كالسكين والفأس والإبرة ونحوها إذ هو آلة لكل صنعة (وليعلم الله) أي أرسنلا رسلنا وأنزلنا معهم هذه الأشياء ليتعامل الناس بالحق والعدل وليعلم الله وليرى الله (من ينصره) أي دينه (ورسله بالغيب) أي قام بنصرة الدين ولم ير الله ولا الآخرة وإنما يحمد ويثاب من أطاع الله بالغيب (إن الله قوي عزيز) قوي في أمره عزيز في ملكه 26 27 (ولقد أرسنلا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون ثم قفينا على آثارهم برسلنا وقفينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الإنجيل وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه) على دينه (رأفة) وهي أشد الرقة (ورحمة) كانوا متوادين بعضهم لبعض كما قال الله تعالى في وصف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (رحماء بينهم) (ورهبانية ابتدعوها) من قبل أنفسهم وليس هذا بعطف على ما قبله وانتصابه بفعل مضمر كأنه قال وابتدعوا رهبانية أي جاءوا بها من قبل أنفسهم (ما كتبناها) أي ما فرضناها (عليهم إلا ابتغاء رضوان الله) يعني ولكنهم ابتغوا رضوان الله بتلك الرهبانية وتلك الرهبانية ما حملوا أنفسهم من المشاق في الامتناع من المطعم والمشرب والملبس والنكاح والتعبد في الجبال (فما رعوها حق رعايتها) أي لم يرعو الرهبانية حق رعايتها بل ضيعوها وكفروا بدين عيسى فتهدوا وتنصروا ودخلوا في دين ملوكهم وتركوا الترهيب وأقام منهم أناس على دين عيسى عليه الصلاة والسلام حتى أدركوا محمدا صلى الله عليه وسلم فآمنوا به وذلك قوله تعالى (فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم) وهم الذين ثبتوا عليها وهم أهل الرأفة والرحمة (وكثير منهم فاسقون) وهم الذين تركوا الرهبانية وكفروا بدين عيسى عليه الصلاة والسلام أخبرنا أبو سعيد الشريحي أنا أبو إسحاق الثعلبي أنبأني عبد الله بن حامد أنا أحمد بن عبد الله المزني ثنا محمد بن عبد الله بن سليمان ثنا شيبان بن فروخ ثنا الصعق بن حرب عن عقيل الجعدي عن أبي إسحاق عن سويد بن غفلة عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال \ يا ابن مسعود اختلف من كان قبلكم على اثنتين وسبعين فرقة نجا
(٣٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 ... » »»