تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٢٩٦
الحديد الآية 14 15 وضم الظاء تقول العرب انظرني وأنظرني يعني انتظرني (نقتبس من نوركم) نستضيء من نوركم وذلك أن الله تعالى يعطي المؤمنين نورا على قدر أعمالهم يمشون به على الصراط ويعطي المنافقين أيضا نورا خديعة لهم وهو قوله عز وجل (وهو خادعهم) فبيناهم يمشون إذ بعث الله عليهم ريحا وظلمة فأطفأت نور المنافقين فذلك قوله (يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا) مخافة أن يسلبوا نورهم كما سلب نور المنافقين وقال الكلبي بل يستضيء المنافقون بنور المؤمنين ولا يعطون النور فإذا سبقهم المؤمنون وبقوا في الظلمة قالوا للمؤمنين انظرونا نقتبس من نوركم (قيل ارجعوا وراءكم) قال ابن عباس يقول لهم المؤمنون وقال قتادة تقول لهم الملائكة ارجعوا وراءكم من حيث جئتم (فالتمسوا نورا) فاطلبوا هناك لأنفسكم نورا فإنه لا سبيل لكم إلى الاقتباس من نورنا فيرجعون في طلب النور فلا يجدون شيئا فينصرفون إليهم ليلقوهم فيميز بينهم وبين المؤمنين وهو قوله (فضرب بينهم بسور) أي سور والباء صلة يعني بين المؤمنين والمنافقين وهو حائط بين الجنة والنار (له) أي لذلك السور (باب باطنه فيه الرحمة) أي في باطن ذلك السور الرحمة وهي الجنة (وظاهره) أي خارج ذلك السور (من قبله) أي من قبل ذلك الظاهر (العذاب) وهو النار 14 (ينادونهم) روي عن عبد الله بن عمر قال إن السور الذي ذكر الله تعالى في القرآن (فضرب بينهم بسور له باب) هو سور بيت المقدس الشرقي باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب وادي جهنم وقال ابن شريح كان كعب يقول في الباب الذي يسمى باب الرحمة في بيت المقدس إنه الباب الذي قال الله عز وجل (فضرب بينهم بسور له باب) الآية ينادونهم يعني ينادون المنافقون المؤمنين من وراء السور حين حجب بينهم بالسور وبقوا في الظلمة (ألم نكن معكم) في الدنيا نصلي ونصوم (قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم) أهلكتموها بالنفاق والكفر واستعملتموها في المعاصي والشهوات وكلها فتنة (وتربصتم) بالإيمان ولا توبة قال مقاتل وتربصتم بمحمد صلى الله عليه وسلم وقلتم يوشك أن يموت فنستريح منه (وارتبتم) شككتم في نبوته وفيما أوعدكم به (وغرتكم الأماني) الأباطيل وما كنتم تتمنون من نزول الدوائر بالمؤمنين (حتى جاء أمر الله) يعني الموت (وغركم بالله الغرور) يعني الشيطان قال قتادة ما زالوا على خدعة من الشيطان حتى قذفهم الله في النار 15 (فاليوم لا يؤخذ منكم فدية) قرأ أبو جعفر وابن عامر ويعقوب (تؤخذ) بالتاء وقرأ الآخرون
(٢٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 ... » »»