تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٢١٤
الحجرات الآية 11 أزالها عنهم وإن لم يذكروا مظلمة وأصروا على بغيهم قاتلهم الإمام حتى يفيئوا إلى طاعته ثم الحكم في قتالهم أن لا يتبع مدبرهم ولا يقتل أسيرهم ولا يذفف على جريحهم نادى منادي علي رضي الله عنه يوم الجمل ألا لا يتبع مدبر لا يذفف على جريج وأتي علي رضي الله عنه يوم صفين بأسير فقال له لا أقتلك صبرا إني أخاف الله رب العالمين وما أتلفت إحدى الطائفتين على الأخرى في حال القتال من نفس أو مال فلا ضمان عليها قال ابن شهاب كانت في تلك الفتنة دماء يعرف في بعضها القاتل والمقتول وأتلف فيها أموال كثيرة ثم صار الناس إلى أن سكنت الحرب بينهم وجرى الحكم عليهم فما علمته اقتص من أحد ولا أغرم مالا أتلفه أما من لم يجتمع فيهم هذه الشرائط الثلاث بأن كانوا جماعة قليلين لا منة لهم أو لم يكن لهم تأويل أو لم ينصبوا إماما فلا يتعرض لهم إن لم ينصبوا قتالا ولم يتعرضوا للمسلمين فإن فعلوا فهم كقطاع الطريق وروى أن عليا سمع رجلا يقول في ناحية المسجد لا حكم إلا لله فقال علي كلمة حق أريد بها باطل لكم علينا ثلاث لا نمنعكم من مساجد الله أن تذكروا فيها اسم الله ولا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم مع أيدينا ولا نبدأكم بقتال 11 وقوله عز وجل (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم) الآية قال ابن عباس نزلت في ثابت بن قيس بن شماس وذلك إنه كان في أذنه وقر فكان إذا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سبقوه بالمجلس أوسعوا له حتى يجلس إلى جنبه فيسمع ما يقول فأقبل ذات يوم وقد فاتته ركعة من صلاة الفجر فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة أخذ أصحابه مجالسهم فضن كل رجل بمجلسه فلا يكاد يوسع أحد لأحد فكان الرجل إذا جاء فلم يجد مجلسا يجلس فيه قام قائما كما هو فلما فرغ ثابت من الصلاة أقبل نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخطى رقاب الناس ويقول تفسحوا تفسحوا فجعلوا يتفسحون له حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينه وبينه رجل فقال له الرجل تفسح فقال له قد أصبت مجلسا فاجلس فجلس ثابت خلفه مغضبا فلما انجلت الظلمة غمز ثابت الرجل فقال من هذا قال أنا فلان فقال له ثابت ابن فلانة وذكر أما له كان يعير بها في الجاهلية فنكس الرجل رأسه واستحيا فأنزل الله تعالى هذه الآية وقال الضحاك نزلت في وفد بني تميم الذين ذكرناهم كانوا يستهزؤن بفقراء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مثل عمار وخباب وبلال وصهيب وسلمان وسالم مولى أبي حذيفة لما رأوا من رثاثة حالهم فأنزل الله تعالى في الذين آمنوا منهم (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم) أي رجال من رجال والقوم اسم يجمع الرجال والنساء وقد يختص بجمع الرجال (عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن) روي عن أنس أنها نزلت في نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم حين عيرن أم سلمة بالقصر وعن عكرمة عن
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»