تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٢٠٣
الله عنه يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك فتزوج أحدهما معاوية بن أبي سفيان والأخرى صفوان بن أمية قال فنهاهم أن يردوا النساء وأمر برد الصداق قال ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فجاءه أبو بصير عتبة بن أسيد رجل من قريش وهو مسلم وكان ممن حبس بمكة فكتب فيه أزهر بن عبد عوف والأخنس بن شريق الثقفي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعثا في طلبه رجلا من بني عامر بن لؤي ومعه مولى لهم فقدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالا العهد الذي جعلت لنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا بصير إنا قد أعطينا هؤلاء القوم ما قد علمت ولا يصح في ديننا الغدر وإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا ثم دفعه إلى الرجلين فخرجا به حتى بلغا ذا الحليفة فنزلوا يأكلون من تمر لهم فقال أبو بصير لأحد الرجلين والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدا فاستله الآخر من غمده فقال أجل والله إنه لجيد لقد جربت به ثم جربت به فقال أبو بصير وأرني أنظر إليه فأخذوه وعلا به فضربه حتى برد وفر الآخر حتى أتى المدينة فدخل المسجد يعدو فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه لقد رأى هذا ذعرا فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال ويلك مالك قال قتل والله صاحبي وإني لمقتول فوالله ما برح حتى طلع أبو بصير متوشحا السيف حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله قد والله أوفى الله ذمتك قد رددتني إليهم ثم أنجاني الله منهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم ويل أمه مسعر حرب لو كان معه أحد فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم فخرج حتى أتى سيف البحر وبلغ المسلمين الذين احتبسوا بمكة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بصير ويل أمه مسعر حرب لو كان معه أحد فخرج عصابة منهم إليه وانفلت أبو جندل بن سهيل فلحق بأبي بصير حتى اجتمع إليه قريب من سبعين رجلا فوالله ما يسمعون ببعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده الله والرحم لما أرسل إليهم فمن أتاه فهو آمن فأرسل إليهم النبي صلى الله عليه وسلم فقدموا عليه بالمدينة فأنزل الله تعالى (وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا) حتى بلغ (حمية الجاهلية) وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي الله صلى الله عليه وسلم ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم وحالوا بينه وبين البيت قال الله تعالى (هم الذين كفروا) يعني كفار مكة (وصدوكم عن المسجد الحرام) أن تطوفوا به (والهدي) أي وصدوا الهدي وهي البدن التي ساقها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت سبعين بدنة (معكوفا) محبوسا يقال عكفته عكفا إذا حبسته وعكوفا لازم كما يقال رجع رجعا ورجوعا (أن يبلغ محله) منحره وحيث يحل نحره يعني الحرم (ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات) يعني المستضعفين بمكة (لم تعلموهم) لم تعرفوهم (أن تطأوهم) بالقتال وتوقعوا بهم (فتصيبكم منهم معرة بغير علم) قال ابن زيد معرة إثم وقال ابن إسحاق غرم الدية وقيل الكفارة لأن الله أوجب على قاتل المؤمن في دار الحرب إذا لم يعلم إيمانه الكفارة دون الدية فقال (فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة) وقيل هو أن المشركين يعيبونكم ويقولون قتلوا أهل دينهم والمعرة المشقة يقول لولا أن تطؤا رجالا مؤمنين ونساء مؤمنات لم تعلموهم فيلزمكم بهم كفارة أو يلحقكم سبة وجواب لولا
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»