تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٢١٠
الحجرات الآية 3 4 فأتاه سعد فذكر له قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ثابت أنزلت هذه الآية ولقد علمتم أني من أرفعكم صوتا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنا من أهل النار فذكر ذلك سعد للنبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ بل هو من أهل الجنة \ وروي أنه لما نزلت هذه الآية قعد ثابت في الطريق يبكي فمر به عاصم بن عدي فقال ما يبكيك يا ثابت فقال هذه الآية أتخوف أن تكون نزلت في وأنا رفيع الصوت أخاف أن يحبط عملي وأن أكون أهل النار فمضى عاصم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وغلب ثابت البكاء فأتى امرأته جميلة بنت عبد الله ابن أبي سلول فقال إذا دخلت بيت فرسي فشدي علي الضبة بمسمار وقال لا أخرج حتى يتوفاني الله أو يرضى عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره خبره فقال له اذهب فادعه فجاء عاصم إلى المكان الذي رآه فلم يجده فجاء إلى أهله فوجده في بيت الفرس فقال له إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوك فقال اكسر الضبة فكسرها فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يبكيك يا ثابت فقال أنا صيت وأتخوف أن تكون هذه الآية نزلت في فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما ترضى أن تعيش حميدا وتقتل شهيدا وتدخل الجنة فقال رضيت ببشرى الله ورسوله ولا أرفع صوتي أبدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله 3 (إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله) الآية قال أنس فكنا ننظر إلى رجل من أهل الجنة يمشي بين أيدينا فلما كان يوم اليمامة في حرب مسيلمة الكذاب رأى ثابت من المسلمين بعض الانكسار وانهزمت طائفة منهم فقال أف لهؤلاء ثم قال ثابت لسالم مولى أبي حذيفة ما كنا نقاتل أعداء الله مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل هذا ثم ثبتا وقاتلا حتى قتلا واستشهد ثابت وعليه درع فرآه رجل من الصحابة بعد موته في المنام وأنه قال له اعلم أن فلان رجل من المسلمين نزع درعي فذهب بها وهي في ناحية من المعسكر عند فرس يستن به في طوله وقد وضع على درعي برمة فأت خالد بن الوليد وأخبره حتى يسترد درعي وأت أبا بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقل له إن علي دينا حتى يقضيه عني وفلان وفلان من رقيقي عتيق فأخبر الرجل خالدا فوجد درعه والفرس على ما وصفه له فاسترد الدرع وأخبر خالد أبا بكر بتلك الرؤيا فأجاز أبو بكر وصيته قال مالك بن أنس لا أعلم وصية أجيزت بعد موت صاحبها إلا هذه قال أبو هريرة وابن عباس لما نزلت هذه الآية كان أبو بكر لا يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا كأخي السرار وقال ابن الزبير لما نزلت هذه الآية ما حدث عمر النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك فيسمع النبي صلى الله عليه وسلم كلامه حتى يستفهمه مما يخفض صوته فأنزل الله تعالى (إن الذين يغضون أصواتهم) يخفضون (أصواتهم عند رسول الله) إجلالا له (أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى) اختبرها وأخلصها كما يمتحن الذهب بالنار فيخرج خالصه (لهم مغفرة وأجر عظيم) 4 (إن الذين ينادونك من وراء الحجرات) قرأ العامة بضم الجيم وقرأ أبو جعفر بفتح الجيم وهما
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»