تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٢١٥
الأحقاف الآية 12 ابن عباس أنها نزلت في صفية بنت حيي بن أخطب قال لها النساء يهودية بنت يهوديين (ولا تلمزوا أنفسكم) أي لا يعب بعضكم بعضا ولا يطعن بعضكم على بعض (ولا تنابزوا بالألقاب) التنابز التفاعل من النبز وهو اللقب وهو أن يدعى الإنسان بغير ما سمي به قال عكرمة وهو قول الرجل للرجل يا فاسق يا منافق يا كافر وقال الحسن كان اليهودي والنصراني يسلم فيقال له بعد إسلامه يا يهودي يا نصراني فنهوا عنه ذلك قال عطاء هو أن تقول لأخيك يا كلب يا حمار يا خنزير وروي عن ابن عباس قال التنابز بالألقاب أن يكون الرجل عمل السيئات ثم تاب عنها فنهي أن يعير بما سلف عن عمله (بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان) أي بئس الاسم أن يقول يا يهودي أو يا فاسق بعد ما آمن وتاب وقيل معناه إن من فعل ما نهي عنه من السخرية واللمز والنبز فهو فاسق وبئس الاسم الفسوق بعد الإيمان فلا تفعلوا فتستحقوا اسم الفسوق (ومن لم يتب) من ذلك (فألئك هم الظالمون) 12 (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن) قيل نزلت الآية في رجلين اغتابا رفيقهما وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا غزا أو سافر ضم الرجل المحتاج إلى رجلين موسرين يخدمهما ويتقدم لهما إلى المنزل فيهيء لهما ما يصلحهما من الطعام والشراب فضم سلمان الفارسي إلى رجلين في بعض أسفاره فتقدم سلمان إلى المنزل فغلبته عيناه فلم يهيىء لهما شيئا فلما قدما قالا له ما صنعت شيئا قال لا غلبتني عيناي قالا له انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطلب لنا منه طعاما فجاء سلمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسأله طعاما فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلق إلى أسامة بن زيد وقل له إن كان عنده فضل من طعام وإدام فليعطك وكان أسامة خازن رسول الله صلى الله عليه وسلم على رحله فأتاه فقال ما عندي شيء فرجع سلمان إليهما وأخبرهما فقالا كان عند أسامة طعاما ولكن بخل فبعثا سلمان إلى طائفة من الصحابة فلم يجد عندهم شيئا فلما رجع قالا لو بعثناك إلى بئر سميحة لغار ماؤها ثم انطلقا يتجسسان هل عند أسامة ما أمر لهما به رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما جاآ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهما مالي أرى خضرة اللحم في أفواهكما قالا والله يا رسول الله ما تناولنا يومنا هذا لحما قال بل ظللتم تأكلون لحم سلمان وأسامة فأنزل الله عز وجل (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن) وأراد أن يظن بأهل الخير شرا (إن بعض الظن إثم) قال سفيان الثوري الظن ظنان أحدهما إثم وهو أن تظن وتتكلم به والآخر ليس بإثم وهو أن تظن ولا تتكلم (ولا تجسسوا) التجسس هو البحث عن عيوب الناس نهى الله تعالى عن البحث عن المستور من عيوب الناس وتتبع عوراتهم حتى لا يظهر على ما ستره الله منها أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد السرخسي أنا زاهر بن أحمد أنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي أنا أبو مصعب
(٢١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 ... » »»