تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٢٠٥
الفتح الآية 28 29 انصرفوا ولم يدخلوا شق عليهم ذلك فأنزل الله هذه الآية وروي عن مجمع بن حارثة الأنصاري قال شهدنا الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما انصرفنا عنها إذا الناس يهزون الأباعر فقال بعضهم ما بال الناس فقالوا أوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فخرجنا نرجف فوجدنا النبي صلى الله عليه وسلم واقفا على راحلته عند كراع الغميم فلما اجتمع إليه الناس قرأ (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) فقال عمر أو فتح هو يا رسول الله قال (نعم والذي نفسي بيده) ففيه دليل على أن المراد بالفتح صلح الحديبية وتحقق الرؤيا كان في العام المقبل فقال جل ذكره (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق) أخبر أن الرؤية التي أراها إياه في مخرجه إلى الحديبية أنه يدخل هو وأصحابه المسجد الحرام صدق وحق قوله (لتدخلن) يعني وقال لتدخلن وقال ابن كيسان لتدخلن من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه حكاية عن رؤياه فأخبر الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ذلك وإنما استثنى مع علمه بدخولها بإخبار الله تعالى تأدبا بآداب الله حيث قال له (ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله) وقال أبو عبيدة (إن) بمعنى إذ مجازه إذ شاء الله كقوله (إن كنتم مؤمنين) وقال الحسين بن الفضل يجوز أن يكون الاستثناء من الدخول لأن بين الرؤيا وتصديقها سنة ومات في تلك السنة ناس فمجاز الآية لتدخلن المسجد الحرام كلكم إن شاء الله وقيل الاستثناء واقع على الأمر لا على الدخول لأن الدخول لم يكن فيه شك كقول النبي صلى الله عليه وسلم عند دخول المقبرة \ وإنا إن شاء الله بكم لاحقون \ فالاستثناء راجع إلى اللحوق بأهل لا إله إلا الله لا إلى الموت (محلقين رؤسكم) كلها (ومقصرين) يأخذ بعض شعورها (لا تخافون فعلم ما لم تعلموا) أن الصلاح كان في الصلح وتأخير الدخول وهو قوله تعالى (ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات) الآية (فجعل من دون ذلك) أي من قبل دخولكم المسجد الحرام (فتحا قريبا) وهو صلح الحديبية عند الأكثرين وقيل فتح خيبر 28 (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا) على أنك نبي صادق صالح فيما تخبر 29 (محمد رسول الله) تم الكلام ههنا قاله ابن عباس شهد له بالرسالة ثم قال مبتدئا (والذين
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»