تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٢٠٦
معه) قالوا وفيه واوا الاستئناف أي والذين معه من المؤمنين (أشداء على الكفار) غلاظ عليهم كالأسد على فريسته لا تأخذهم فيهم رأفة (رحماء بينهم) متعاطفون متوادون بعضهم لبعض كالولد مع الوالد كما قال (أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين) (تراهم ركعا سجدا) أخبر عن كثرة صلاتهم ومداومتهم عليها (يبتغون فضلا من الله) أن يدخلهم الجنة (ورضوانا) أن يرضى عنهم (سيماهم) أي علامتهم (في وجوههم من أثر السجود) اختلفوا في هذا السيما فقال قوم هو نور وبياض في وجوههم يوم القيامة يعرفون به أنهم سجدوا في الدنيا وهو رواية عطية العوفي عن ابن عباس قال عطاء بن أبي رباح والربيع بن أنس استنارت وجوههم من كثرة ما صلوا وقال شهر بن حوشب تكون مواضع السجود من وجوههم كالقمر ليلة البدر وقال آخرون هو السمت الحسن والخشوع والتواضع وهو رواية الوالبي عن ابن عباس قال ليس بالذي ترون لكنه سيم الإسلام وسجيته وسمته وخشوعه وهو قول مجاهد والمعنى أن السجود أورثهم الخشوع والسمت الحسن الذي يعرفون به وقال الضحاك هو صفرة الوجه من السهر وقال الحسن إذا رأيتهم حسبتهم مرضى وما هم بمرضى قال عكرمة وسعيد بن جبير هو أثر التراب على الجباه قال أبو العالية لأنهم يسجدون على التراب لا على الأثواب وقال عطاء الخراساني دخل في هذه الآية كل من حافظ على الصلوات الخمس (ذلك) الذي ذكرت (مثلهم) صفتهم (في التوراة) ههنا تم الكلام ثم ذكر نعتهم في الإنجيل فقال (ومثلهم) صفتهم (في الإنجيل كزرع أخرج شطأه) قرأ ابن كثير وابن عامر شطأه بفتح الطاء وقرأ الآخرون بسكونها وهما لغتان كالنهر والنهر وأراد فراخه يقال أشطأ الزرع فهو مشطىء إذا أفرخ قال مقاتل هو نبت واحد فإذا خرج ما بعده فهو شطؤه وقال السدي هو أن يخرج معه الطاقة الأخرى قوله (فآزره) قرأ ابن عامر (فأزره) بالقصر والباقون بالمد أي قواه وأعانه وشد أزره (فاستغلظ) ذلك الزرع (فاستوى) أي تم وتلاحق نباته وقام (على سوقه) أصوله (يعجب الزراع) أعجب ذلك زراعه هذا مثل ضربه الله عز وجل لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في الإنجيل أنهم يكونون قليلا ثم يزدادون ويكثرون قال قتادة مثل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإنجيل مكتوب أنه سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وقيل الزرع محمد والشطء أصحابه والمؤمنون وروي عن مبارك بن فضالة عن الحسن قال (محمد رسول الله والذين معه) أبو بكر الصديق رضي الله عنه (أشداء على الكفار) عمر بن الخطاب رضي الله عنه (رحماء بينهم) عثمان بن عفان رضي الله عنه (تراهم ركعا سجدا) علي بن أبي طالب رضي الله عنه (يبتغون فضلا من الله) بقية العشرة المبشرين بالجنة وقيل (كمثل زرع) محمد (أخرج شطأه) أبو بكر (فآزره) عمر (فاستغلظ) عثمان للإسلام (فاستوى على سوقه) علي بن أبي طالب استقام الإسلام بسيفه (يعجب الزراع) قال هم المؤمنون (ليغيظ بهم الكفار) قول عمر لأهل مكة بعدما أسلم لا تعبدوا الله سرا بعد اليوم حدثنا أبو حامد أحمد بن محمد الشجاعي السرخسي املاء أنا أبو بكر عبد الله بن أحمد القفال ثنا أبو أحمد عبد الله بن محمد الفضل
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»