تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٢٠١
قد رأيت ما لا يحل صد الهدي في قلائده وقد أكل أوباره من طول الحبس عن محله فقالوا له اجلس إنما أنت رجل أعرابي لا علم لك فغضب الحليس عند ذلك فقال يا معشر قريش والله ما على هذا حالفناكم ولا على هذا عاقدناكم أن تصدوا عن بيت الله من جاءه معظما له والذي نفس الحليس بيده لتخلن بين محمد وبين ما جاء له أو لأنفرن بالأحابيش نفرة رجل واحد فقالوا له مه كف عنا يا حليس حتى نأخذ لأنفسنا بما نرضى به فقام رجل منهم يقال له مكرز بن حفص فقال دعوني آته فقال ائته فلما أشرف عليهم قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا مكرز وهو رجل فاجر فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم فبينما هو يكلمه إذ جاء سهيل بن عمرو وقال عكرمة فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال قد سهل لكم من أمركم قال الزهري في حديثه فجاء سهيل بن عمرو فقال هات اكتب بيننا وبينكم كتابا فدعى رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال له اكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل أما الرحمن فوالله ما أدري ما هو ولكن اكتب باسمك اللهم كما كنت تكتب فقال المسلمون والله لا نكتبه إلا بسم الله الرحمن الرحيم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي أكتب باسمك اللهم ثم قال اكتب هذا ما قضى عليه محمد رسول الله فقال سهيل والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك ولكن اكتب محمد بن عبد الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والله إني لرسول الله وإن كذبتموني اكتب يا علي محمد بن عبد الله قال الزهري وذلك لقوله لا يسألون خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها فكتب هذا ما قضى عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو واصطلحا على وضع الحرب عن الناس عشر سنين يأمن فيه الناس ويكف بعضهم عن بعض فقال له النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به فقال سهيل والله لا تتحدث العرب إنا أخذنا ضغطة ولكن ذلك من العام المقبل فكتب فقال سهيل وعلى أنه لا يأتيك منا رجل وإن كان على دينك إلا رددته إلينا قال المسلمون سبحان الله كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلما وروى أبو إسحاق عن البراء قصة الصلح وفيه قالوا لو نعلم إنك رسول الله ما منعناك شيئا ولكن أنت محمد بن عبد الله قال أنا رسول الله وأنا محمد بن عبد الله ثم قال لعلي رضي الله عنه أمح رسول الله قال علي لا والله لا أمحوك أبدا قال فأرنيه فأراه إياها فمحاه النبي صلى الله عليه وسلم بيده وفي رواية فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب وليس يحسن أن يكت فكتب هذا ما قضى محمد بن عبد الله قال البراء صالح على ثلاثة أشياء على أن من أتاه من المشركين رده إليهم ومن أتاهم من المسلمين لم يردوه وعلى أن يدخلها من قابل ويقيم بها ثلاثة أيام ولا يدخلها إلا بجلباب السلاح السيف والقوس ونحوه وروى ثابت عن أنس أن قريشا صالحوا النبي صلى الله عليه وسلم فاشترطوا إن من جاءنا منكم لم نرده عليكم ومن جاءكم منا رددتموه علينا فقالوا يا رسول الله أنكتب هذا قال \ نعم إنه من ذهب منا إليهم فأبعده الله ومن جاءنا منهم سيجعل الله فرجا ومخرجا \ رجعنا إلى حديث الزهري قال فبيناهم كذلك إذا جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في قيوده قد انفلت وخرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين فقال سهيل هذا يا محمد أول ما أقاضيك عليه أن ترده إلي فقال النبي صلى الله عليه وسلم إنا لم نقض الكتاب بعد قال فوالله إذا لا أصالحك على شيء أبدا فقال
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»