تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٢٣٣
سورة طه من الآية 114 وحتى الآية 119 التلاوة ومخافة الانفلات والنسيان فنهاه الله عن ذلك وقال (ولا تعجل بالقرآن) أي لا تعجل بقراءته (من قبل أن يقضى إليك وحيه) أي من قبل أن يفرغ جبريل من الإبلاغ نظيره قوله تعالى (لا تحرك به لسانك) وقرأ يعقوب (نقضي) بالنون وفتحها وكسر الضاد وفتح الياء (وحيه) بالنصب وقال مجاهد وقتادة معناه لا تقرئه أصحابك ولا تمله عليهم حتى يتبين لك معانيه (وقل رب زدني علما) يعني بالقرآن ومعانيه وقيل علما إلى ما علمت وكان ابن مسعود إذا قرأ هذه الآية قال اللهم زدني إيمانا ويقينا 115 قوله تعالى (ولقد عهدنا إلى آدم من قبل) يعني أمرناه وأوحينا إليه أن لا يأكل من الشجرة من قبل هؤلاء الذين نقضوا عهدك وتركوا الإيمان بي وهم الذين ذكرهم الله في قوله تعالى (لعلهم يتقون) (فنسي) فترك الأمر والمعنى أنهم نقضوا العهد فإن آدم أيضا عهدنا إليه فنسي (ولم نجد له عزما) قال الحسن لم نجد له صبرا عما نهي عنه وقال عطية العوفي حفظا لما أمر به وقال ابن قتيبة رأيا معزوما حيث أطاع عدوه إبليس الذي حسده وأبى أن يسجد له والعزم في اللغة هو توطين النفس على الفعل قال أبو أمامة الباهلي لو وزن حلم آدم بحلم جميع ولده لرجح حلمه وقد قال الله (ولم نجد له عزما) فإن قيل أتقولون إن آدم كان ناسيا لأمر الله حين أكل من الشجرة قيل يجوز أن يكون نسي أمره ولم يكن النسيان في ذلك الوقت مرفوعا عن الإنسان بل كان مؤاخذا به وإنما رفع عنا وقيل نسي عقوبة الله وظن أنه نهاه تنزيها 116 قوله تعالى (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى) أن يسجد 117 (فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك) حوء (فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى) يعني تتعب وتنصب ويكون عيشك من كد يمينك بعرق جبينك قال السدي يعني الحرث والزرع ولاحصيد والطحن والخبز وعن سعيد بن جبير قال أهبط إلى آدم ثور أحمر فكان يحرث عليه ويمسح العرق عن جبينه فذلك شقاؤه ولم يقل فتشقيه رجوعا به إلى آدم لأن تعبه أكثر فإن الرجل هو الساعي على زوجته وقيل لأجل رؤوس الآي 118 (إن لك أن لا تجوع فيها) أي في الجنة (ولا تعرى) 119 (وأنك) قرأ انافع وأبو بكر بكسر الألف على الاستئناف وقرأ الآخرون بالفتح نسقا على قوله (ألا
(٢٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»