تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٢٢٩
سورة طه من الآية 91 وحتى الآية 96 91 (قالوا لن نبرح) أي لن نزال (عليه) على عبادته (عاكفين) مقيمين (حتى يرجع إلينا موسى) فاعتزلهم هارون في اثني عشر ألفا وهم الذين لم يعبدوا العجل فلما رجع موسى وسمع الصياح والجلبة وكانوا يرقصون حول العجل قال للسبعين الذين كانوا معه هذا صوت الفتنة فلما رأى هارون أخذ شعر رأسه بيمينه ولحيته بشماله 92 و (قال) له (يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا) أشركوا 93 (ألا تتبعن) أي أن تتبعني و (لا) صلة أي تتبع أمري ووصيتي يعني هلا قاتلتهم وقد علمت أني لو كنت فيهم لقاتلتهم على كفرهم وقيل أن لا تتبعني أي ما منعك من اللحوق بي وإخباري بضلالتهم فتكون مفارقتك إياهم تقريعا وزجرا لهم عما أتوه (أفعصيت أمري) أي خالفت أمري 94 (قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي) أي بشعر رأسي وكان قد أخذ ذوائبه (إني خشيت) لو أنكرت عليهم لصاروا حزبين يقتل بعضهم بعضا (أن تقول فرقت بين بني إسرائيل) أي خشيت إن فارقتهم واتبعتك صاروا أحزابا يتقاتلون فتقول أنت فرقت بين بني إسرائيل (ولم ترقب قولي) ولم تحفظ وصيتي حين قلت لك اخلفني في قومي وأصلح أي ارفق بهم ثم أقبل موسى على السامري 95 (قال فما خطبك) أي ما أمرك وشأنك وما الذي حملك على ما صنعت (يا سامري) 96 (قال بصرت بما لم يبصروا به) رأيت ما لم يروا وعرفت ما لم يعرفوا قرأ حمزة والكسائي (ما لم تبصروا) بالتاء على الخطاب وقرأ الآخرون بالياء على الخبر (فقبضت قبضة من أثر الرسول) أي من تراب أثر فرس جبريل (فنبذتها) أي ألقيتها في فم العجل وقال بعضهم إنما خار لهذا لأن التراب كان مأخوذا من تحت حافر فرس جبريل فإن قيل كيف عرفه ورأى جبريل من بين سائر الناس قيل لأن أمه لما ولدته في السنة التي يقتل فيها البنون وضعته في الكهف حذرا عليه فبعث الله جبريل ليربيه لما قضى على يديه من الفتنة (وكذلك سولت) أي زينت (لي نفسي)
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»