الذين كانوا ببابل فرجع إلى الشام يبكي عليها ليلا ونهارا وقد خرج من الناس فهو كذلك إذ أقبل إليه رجل فقال يا عزير ما يبكيك قال أبكي على كتاب الله وعهده الذي كان بين أظهرنا الذي لا يصلح أمر دنيانا وآخرتنا غيره قال أفتحب أن يرده إليك قال ارجع فصم وتطهر وطهر ثيابك ثم موعدك هذا المكان غدا فرجع عزير فصام وتطهر وطهر ثيابه ثم عمد إلى المكان الذي وعده فجلس فيه فأتاه ذلك الرجل بإناء فيه ماء وكان ملكا بعثه الله إليه فسقاه من ذلك الإناء فمثلت التوراة في صدره فرجع إلى بني إسرائيل فوضع لهم التوراة فأحبوه حتى لم يحبوا حبه شيئا قط ثم قبضه الله وجعلت بنو إسرائيل بعد ذلك يحدثون الأحداث ويعود الله عليهم ويبعث فيهم الرسل ففريقا يكذبون وفريقا يقتلون حتى كان آخر من بعث الله فيهم من أنبيائهم زكريا ويحيى وعيسى وكانوا من بيت آل داود فمات زكريا وقيل قتل زكريا فلما رفع الله عيسى من بين أظهرهم وقتلوا يحيى بعث الله عليهم ملكا من ملوك بابل يقال له خردوش فسار إليهم بأهل بابال حتى دخل عليهم الشام فلما ظهر عليهم أمر رأسا من رؤوس جنوده يدعى بيورزاذان صاحب الفيل فقال إني كنت حلفت بإلهي لئن أنا ظفرت على أهل بيت المقدس لأقتلنهم حتى تسيل دماءهم في وسط عسكري إلا أني لا أجد أحدا أقتله فأمره أن يقتلهم حتى بلغ ذلك منهم ببورزاذان ودخل بيت المقدس فقام في البقعة التي كانوا يقربون فيها قربانهم فوجد فيها دما يغلي فسألهم عنه فقال يا بني إسرائيل ما شأن هذا الدم يغلي أخبروني خبره قالوا هذا دم قربان لنا قربناه فلم يقبل منه فلذلك يغلي ولقد قربناه منذ ثمانمائة سنة القربان يتقبل منا إلا هذا فقال ما صدقتموني فقالوا لو كان كأول زماننا لتقل منا ولكن قد انقطع منا الملك والنبوة والوحي فلذلك لم يقبل منا فذبح منهم ببورزاذان على ذلك الدم سبعمائة وسبعين رجلا من رؤوسهم فلم يهدأ فأمر بسبعمائة غلام من غلمانهم فذبحهم على الدم فلم يهدأ فأمر بسبعة آلاف من شيبهم وأزواجهم فذبحهم على الدم فلم يهدأ فأمر بسبعة آلاف من شيبهم وأزواجهم فذبحهم على الدم فلم يهدأ فلما رأى بيورزاذان الدم لا يهدأ قال لهم يا بني إسرائيل ويلكم اصدقوني واصبروا على أمر ربكم فقد طال ما ملكتم في الأرض تفعلون فيها ما شئتم قبل أن لا أترك منكم نافخ نار أنثى ولا ذكر إلا قتلته فلما رأوا الجهد منه وشدة القتل صدقوا الخبر فقالوا إن هذا الدم دم نبي كان ينهانا عن أمور كثيرة من سخط الله فلو أنا أطعناه فيها لكان أرشد لنا وكان يخبرنا بأمركم فلم نصدقه فقتلناه فهذا دمه فقال لهم بيورزاذان ما كان اسمه قالوا يحيى بن زكريا قال الآن صدقتموني بمثل هذا انتقم ربكم منكم فلما رأى بيورزاذان أنهم صدقوه خر ساجدا وقال لمن حوله أغلقوا أبواب المدينة وأخرجوا من كان هاهنا من جيش خردوش وخلافي بني إسرائيل قال يا يحيى بن زكريا قد علم ربي وربك ما قد أصاب قومك من أجلك وما قتل منهم فاهدأ بإذن ربك قبل أن لا أبقي من قومك أحدا فهدأ الدم بإذن الله ورفع بيورزاذان عنهم القتل وقال آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل وأيقنت أنه لا رب غيره وقال لبني إسرائيل إن خردوش أمرني أن أقتل منكم حتى تسيل دماءكم وسط عسكره وإني لست أستطيع أن أعصيه قالوا له افعل ما أمرت به فأمرهم فحفروا خندقا وأمر بأموالهم من الخيل والبغال والحمير والإبل والبقر والغنم فذبحها حتى سال الدم في العسكر وأمر بالقتلى الذين قتلوا قبل ذلك فطرحوا على ما قتل من مواشيهم فلم يظن خردوش إلا أن ما في الخندق من دماء بني
(١٠٣)