تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ١٠٨
سورة الإسراء من الآية 12 وحتى الآية 15 النهار إذا أضاءت بحيث يبصر بها (لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب) أي لو ترك الله الشمس والقمر كما خلقهما لم يعرف الليل من النهار ولم يدر الصائم متى يفطر ولم يدر وقت الحج ولا وقت حلول الآجال ولا وقت السكون والراحة (وكل شيء فصلناه تفصيلا) 13 قوله عز وجل (وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه) قال ابن عباس عمله وما قدر عليه فهو ملازمه أينما كان وقال الكلبي ومقاتل خيره وشره معه لا يفارقه حتى يحاسبه به وقال الحسن يمنه وشؤمه وعن مجاهد ما من مولود إلا في عنقه ورقة مكتوب فيها شقي أو سعيد وقال أهل المعاني أراد بالطائر ما قضى الله عليه أنه عامله وما هو صائر إليه من سعادة أو شقاوة سمي طائر على عادة العرب فيما كانت تتفاءل وتتشاءم به من سوانح الطير وبوارحها وقال أبو عبيدة والقتيبي أراد بالطائر حظه من الخير والشر من قولهم طار سهم فلان بكذا وكذا وخص العنق من بين سائر الأعضاء لأنه موضع القلائد والأطواق وغيرهما مما يزين أو يشين فجرى كلام العرب بتشبيه الأشياء اللازمة إلى الأعناق (ونخرج له) بفتح الياء وضم الراء معناه ويخرج له الطائر يوم القيامة كتابا وقرأ أبو جعفر (يخرج) بالياء وضمها وفتح الراء (يلقاه) قرأ ابن عامر وأبو جعفر (يلقاه) بضم الياء وفتح اللام وتشديد القاف يعني يلقي الإنسان ذلك الكتاب أي يؤتاه وقرأ الباقون بفتح الياء خفيفة أي يراه منشورا وفي الآثار أن الله تعالى يأمر الملك بطي الصحيفة إذا تم عمر العبد فلا تنشر إلا في يوم القيامة 14 (اقرأ كتابك) أي يقال له اقرأ كتابك قوله تعالى (كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا) محاسبا قال الحسن لقد عدل عليك من جعلك حسيب نفسك قال قتادة سيقرأ يومئذ من لم يكن قارئا في الدنيا 15 (من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه) لها ثوابه (ومن ضل فإنما يضل عليها) لأن عليها عقابه (ولا تزر وازرة وزر أخرى) أي لا تحمل حاملة حمل أخرى من الآثام أي لا يؤخذ أحد بذنب أحد (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) إقامة للحجة وقطعا للعذر وفيه دليل على أن ما وجب وجب بالسمع لا بالعقل
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»