تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ١٠٥
عجوز من عجائز بني إسرائيل فقالت تريد أن ترجع قبل المدينة قال نعم قد طال مقامي وجاع أصحابي قالت أرأيت إن فتحت لك المدينة تعطيني ما أسألك فتقتل من أمرتك بقتله وتكف إذا أمرتك أن تكف قال نعم قالت إذا أصبحت تقسم جندك أربعة أرباع ثم أقام على كل زاوية ربعا ثم ارفعوا أيديكم إلى السماء فنادوا إنا نستفتحك يا الله بدم يحيى بن زكريا فإنها سوف تتساقط ففعلوا فتساقطت المدينة ودخلوا من جوانبها فقالت كف يدك وانطلقت به إلى دم يحيى بن زكريا وقالت اقتل على هذا الدم حتى يسكن فقتل عليه سبعين ألفا حتى سكن فلما سكن قالت كف الآن يدك فإن الله لم يرض إذا قتل نبي حتى يقتل من قتله ومن رضي بقتله فأتاه صاحب الصحيفة بصحيفته فكف عنه وعن أهل بيته فخرب بيت المقدس وطرح فيه الجيف وأعانه على خرابه الروم من أجل أن بني إسرائيل قتلوا يحيى بن زكريا وذهب معه بوجوه بني إسرائيل وذهب بدانيال وقوم من أولاد الأنبياء وذهب معه برأس جالوت فلما قدم بابل وجد صخابين قد مات فتملك مكانه وكان أكرم الناس عنده دانيال وأصحابه فحسدهم المجوس ووشوا بهم إليه وقالوا له إن دانيال وأصحابه لا يعبدون إلهك ولا يأكلون ذبيحتك فسألهم فقالوا أجل لنا ربا نعبده ولسنا نأكل من ذبيحتكم فأمر الملك بخد فخد لهم فألقوا فيه وهم ستة وألقى معهم بسبع ضار ليأكلهم فذهبوا ثم راحوا فوجدوهم جلوسا والسبع مفترش ذراعيه معهم لم يخدش منهم أحدا ووجدوا في معهم رجلا سابعا فقال ما هذا السابع إنما كانوا ستة فخرج السابع وكان ملكا فلطمه لطمة فصار في صورة الوحش ومسخه الله سبع سنين وذكر وهب أن الله مسخ بختنصر نسرا في الطيور ثم مسخه ثورا في الدواب ثم مسخه أسدا في الوحوش فكان مسخه سبع سنين وقلبه في ذلك قلب إنسان ثم رد الله إليه ملكه فآمن فسئل وهب أكان مؤمنا فقال وجدت أهل الكتاب اختلفوا فيه فمنهم من قال مؤمنا ومنهم من قال أحرق بيت الله وكتبه وقتل الأنبياء فغضب الله عليه فلم يقبل توبته وقال السدي ثم إن بختنصر رجع إلى صورته بعد المسخ ورد الله إليه ملكه كان دانيال وأصحابه أكرم الناس عليه فحسدهم المجوس وقالوا لبختنصر إن دانيا إذا شرب الخمر لم يملك نفسه أن يبول وكان ذلك فيهم عارا فجعل لهم طعاما وشرابا فأكلوا وشربوا وقال للبواب انظر أول من يخرج ليبول فاضربه بالطبرزين فإن قال أنا بختنصر فقل كذبت بختنصر أمرني بذلك فكان أول من قام للبول بختنصر فلما رآه البواب شد عليه فقال ويحك أنا بختنصر فقال كذبت بختنصر أمرني فضربه فقتله هذا ما ذكره في المبتدأ إلا أن رواية من روى أن بختنصر غزى بني إسرائيل عند قتلهم يحيى بن زكريا غلط عند أهل السير بل هم مجمعون على أن بختنصر إنما غزى بني إسرائيل عند قتلهم شعياء في عهد أرمياء ومن وقت أرمياء تخريب بختنصر بيت المقدس إلى مولد يحيى بن زكريا أربعمائة وإحدى وستون سنة وذلك أنهم كانوا يعدون من لدن تخريب بختنصر بيت المقدس إلى حين عمارته في عهد كيوس بن أخشورش بن أصيهيد ببابل من قبل بهمن بن اسفنديار سبعين سنة ثم من بعد عمارته إلى ظهور الإسكندر على بيت المقدس ثمان وثمانون سنة ثم من بعد مملكته التي قتل يحيى بن زكريا ثلاثمائة وستون سنة والصحيح من ذلك ما ذكر محمد بن إسحاق 4 قوله عز وجل (وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب) أي أعلمناهم وأخبرناهم فيما آتيناهم من
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»