تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ١٠٦
سورة الإسراء من الآية 5 وحتى الآية 7 الكتاب أنهم سيفسدون والقضاء على وجوه يكون أمرا كقوله (وقضى ربك) ويكون حاكما كقوله (ان ربك يقضي بينهم) ويكون خلقا كقوله (فقضاهن سبع سماوات) وقال ابن عباس وقتادة يعني وقضينا عليهم فإلى بمعنى على والمراد بالكتاب اللوح المحفوظ (لتفسدن) لام القسم مجازة والله لتفسدن (في الأرض مرتين) بالمعاصي والمراد بالأرض أرض الشام وبيت المقدس (ولتعلن) ولتستكبرن ولتظلمن الناس (علوا كبيرا) 5 (فإذا جاء وعد أولاهما) يعني أولى مرتين قال قتادة إفسادهم في المرة الأولى ما خالفوا من أحكام التوراة وركبوا المحارم وقال محمد بن إسحاق إفسادهم في المرة الأولى قتل شعياء بين الشجرة وارتكابهم المعاصي (بعثنا عليكم عبادا لنا) قال قتادة يعني جالوت الخزري وجنوده وهو الذي قتله داود وقال سعيد بن جبير يعني سنجاريب من أهل نينوى وقال ابن إسحاق بختنصر البابلي وأصحابه وهو الأظهر (أولي بأس) ذوي بطش (شديد) في الحرب (فجاسوا) أي فطافوا وداروا (خلال الديار) وسطها يطلبونكم ويقتلونكم والجوس طلب الشيء بالاستقصاء قال الفراء جاسوا قتلوكم بين بيوتكم (وكان وعدا مفعولا) قضاء كائنا لا خلف فيه 6 (ثم رددنا لكم الكرة) يعني الرجعة والدولة (عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا) عددا أي من ينفر معهم وعاد البلد أحسن مما كان 7 (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم) أي لها ثوابها (وإن أسأتم فلها) أي فعليها كقوله تعالى (فسلام لك) أي عليك وقيل فلها الجزاء والعقاب (فإذا جاء وعد الآخرة) أي المرة الأخيرة من إفسادكم وذلك قصدهم قتل عيسى عليه السلام حين رفع وقتلهم يحيى بن زكريا عليهما السلام فسلط ال عليهم الفرس والروم خردوش وطيطوس حتى قتلوهم وسبوهم ونفوهم عن ديارهم فذلك قوله تعالى (ليسوؤا وجوهكم) أي تحزن وجوهكم وسوء الوجه بإدخال الغم والحزن قرأ الكسائي ويعقوب (لنسوء) بالنون وفتح الهمزة على التعظيم كقوله (وقضينا وبعثنا) وقرأ ابن عامر وحمزة وأبو بكر بالياء وفتح الهمزة على التوحيد أي ليسوء الله وجوهكم وقيل ليسوء الوعد وجوهكم وقرأ الباقون بالياء وضم الهمزة على الجمع أي ليسوء العباد أولوا البأس الشديد وجوهكم
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»