عليه حجابه واجعل للسانك لحيين وغلافا فإذا غشيت فأغلق واجعل لفرجك لباسا فلا تكشفه على ما حرمت عليك قال مجاهد فما كان بين أن تحملها وبين أن خرج من الجنة إلا مقدارا ما بين الظهر والعصر وحكى النقاش بإسناده عن ابن مسعود أنه قال مثلت الأمانة كصخرة ملقاة ودعيت السماوات والأرض والجبال إليها فلم يقربوا منها وقالوا لا نطيق حملها وجاء آدم من غير أن يدعى وحرك الصخرة وقال لو أمرت بحملها لحملتها فقيل له احملها فحملها إلى ركبتيه ثم وضعها وقال والله لو أردت أن أزداد لزدت فقيل له احملها فحملها إلى حقوه ثم وضعها وقال والله لو أردت أن أزداد لزدت قيل له احمل فحملها حتى وضعها على عاتقه فأراد أن يضعها فقال الله مكانك فإنها في عنقك وعنق ذريتك إلى يوم القيامة (إنه كان ظلوما جهولا) قال ابن عباس ظلوما لنفسه جهولا لأمر الله وما احتمل من الأمانة وقال الكلبي ظلوما حين عصى ربه جهولا لا يدري ما العقاب في ترك الأمانة وقال مقاتل ظلوما لنفسه جهولا بعاقبة ما تحمل وذكر الزجاج وغيره من أهل المعاني في قوله وحملها الإنسان قولان فقالوا إن الله ائتمن آدم وأولاده على شيء وائتمن السماوات والأرض والجبال على شيء فالأمانة في حق بني آدم ما ذكرنا في الطاعة والقيام بالفرائض والأمانة في حق السماوات والأرض والجبال هي الخضوع والطاعة لما خلقن له وقيل قوله (فأبين أن يحملنها) أي أبين الأمانة يقال فلان لم يحتمل الأمانة أي لم يخن فيها وحملها الإنسان أي خان فيها يقال فلان حمل الأمانة أي أثم فيما بالخيانة قال الله تعالى (وليحملن أثقالهم) إنه كان ظلوما جهولا حكى عن الحسن على هذا التأويل إنه قال وحملها الإنسان يعني الكافر والمنافق حملا الأمانة أي خانا وقول السلف ما ذكرنا سورة الأحزاب 73 73 قوله عز وجل (ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات) قال مقاتل ليعذبهم بما خانوا الأمانة ونقضوا الميثاق (ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما) يهديهم ويرحمهم بما أدوا من الأمانة وقال ابن قتيبة أي عرضنا الأمانة ليظهر نفاق المنافق وشرك المشرك فيعذبهما الله ويظهر إيمان المؤمن فيتوب عليه أي يعود عليه بالرحمة والمغفرة إن حصل منه تقصير في بعض الطاعات
(٥٤٧)