تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٥٤٦
فصبر 70 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا) قال ابن عباس صوابا وقال قتادة عدلا وقال الحسن صدقا وقيل مستقيما وقال عكرمة هو قول لا إله إلا الله 71 (يصلح لكم أعمالكم) قال ابن عباس يتقبل حسناتكم وقال مقاتل يزك أعمالكم (ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما) أي ظفر بالخير كله 72 قوله تعالى (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال) الآية أراد بالأمانة الطاعة والفرائض التي فرضها الله على عباده عرضها على السماوات والأرض والجبال على أنهم إن أرادوها أثابهم وإن ضيعوها عذبهم وهذا قول ابن عباس وقال ابن مسعود الأمانة أداء الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت وصدق الحديث وقضاء الدين والعدل في المكيال والميزان وأشد من هذا كله الودائع وقال مجاهد الأمانة الفرائض وقضاء الدين وقال أبو العالية ما أمروا به ونهوا عنه وقال زيد بن أسلم هو الصوم والغسل من الجنابة وما يخفى من الشرائع وقال عبد الله بن عمرو بن العاص أول ما خلق الله من الإنسان فرجه وقال هذه أمانة استودعتكها فالفرج أمانة والأذن والعين أمانة واليد أمانة والرجل أمانة ولا إيمان لمن لا أمانة له وقال بعضهم هي أمانات الناس والوفاء بالعهد فحق على كل مؤمن أن لا يعيش مؤمنا ولا معاهدا في شيء قليل ولا كثير وهي رواية الضحاك عن ابن عباس فعرض الله هذه الأمانة على أعيان السماوات والأرض والجبال هذا قول ابن عباس وجماعة من التابعين وأكثر السلف فقال لهن أتحملن هذه الأمانة بما فيها قلن وما فيها قال إن أحسنتن جوزيتن وإن عصيتن عوقبتن فقلن لا يا رب نحن مسخرات لأمرك لا نريد ثوابا ولا عقابا وقلن ذلك خوفا وخشية وتعظيما لدين الله أن لا يقيمن بها لا معصية ولا مخالفة وكان العرض عليهن تخيرا لا إلزاما ولو ألزمهن لم يمتعن من حملها والجمادات كلها خاضعة لله عز وجل مطيعة ساجدة له كما قال جل ذكره في السماوات والأرض (ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين) وقال للحجارة وإن منها لما يهبط من خشية الله وقال تعالى (ألم تر أن الله يسجد من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب) الآية وقال بعض أهل العلم ركب الله عز وجل فيهن العقل والفهم حين عرض الأمانة عليهن حتى علقن الخطاب وأجبن بما أجبن وقال بعضهم المراد من العرض على السماوات والأرض هو العرض على أهل السماوات والأرض عرضها على من فيها من الملائكة وقيل على أهلها كلها دون أعيانها كقوله تعالى (واسئل القرية) أي أهل القرية والأول أصح وهو قول العلماء (فأبين أن يحملنها وأشفقن منها) أي خفضن من الأمانة أن لا يؤدينها فيلحقن العقاب (وحملها الإنسان) يعني آدم صلى الله عليه وسلم فقال الله لآدم إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فلم تطقها فهل أنت آخذها بما فيها قال يا رب وما فيها قال إن أحسنت جوزيت وإن أسأت عوقبت فتحملها آدم وقال بين أذني وعاتقي قال الله تعالى أما إذا تحملت فسأعينك أجعل لبصرك حجابا فإذا خشيت أن تنظر إلى ما لا يحل لك فأرخ
(٥٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 541 542 543 544 545 546 547 548 549 550 551 ... » »»