تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٥١٤
عامر من بني غطفان أترى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني قد أسلمت وغن قومي لم يعلموا بإسلامي فمرني بما شئت فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أنت فينا رجل واحد فخذل عنا أن استطعت فإن الحرب خدعة فخرج نعيم بن مسعود حتى أتى بني قريظة وكان لهم نديما في الجاهلية فقال لهم يا بني قريظة قد عرفتم ودي إياكم وخاصة ما بيني وبينكم قالوا صدقت لست عندنا بتهم فقال لهم إن قريشا وغطفان جاؤوا لحرب محمد وقد ظاهرتموهم عليه وان قريشا وغطفان ليسوا كهيئتكم البلد بلدكم فيه أموالكم وأولادكم ونساؤكم لا تقدرون على أن تتحولوا منه إلى غيره وان قريشا وغطفان وأموالهم وأولادهم ونساؤهم بعيدة أن رأوا نهزة وغنيمة أصابوها وان كان غير ذلك لحقوا ببلادهم وخلوا بينكم وبين الرجل والرجل ببلدكم لا طاقة لكم به إن خلا بكم فلا تقاتلوا مع القوم حتى تأخذوا منهم رهنا من اشرافهم حتى تكون بأيديكم ثقة لكم على أن يقاتلوا معكم محمدا حتى تناجزوه قالوا لقد أشرت برأي ونصح ثم خرج حتى أتى قريشا فقال لأبي سفيان بن حرب ومن معه من رجال قريش يا معشر قريش قد عرفتم ودي إياكم وفراقي محمدا وقد بلغني أمر رأيت أن حقا علي أن أبلغكم نصحا لكم فاكتموما علي قالوا نفعل قال تعلمون أن معشر يهود قد ندموا على ما صنعوا بينهم وبين محمد وقد ارسلوا إليه أن قد ندمنا على ما فعلنا فهل يرضيك عنا أن نأخذ من القبيلتين من قريش وغطفان رجالا من اشرافهم فنعطيكم فتضرب أعناقهم ثم نكون معك على من بقي منهم فأرسل إليهم أن نعم فإن بعت إليكم يهود يلتمسون رهنا من رجالكم فلا تدفعوا إليهم منكم رجلا واحدا ثم خرج حتى أتى غطفان فقال يا معشر غطفان أنتم أصلي وعشيرتي وأحب الناس إلي ولا أراكم تتهموني قالوا صدقت قال فاكتموا علي قالوا نفعل ثم قال لهم مثل ما قال لقريش وحذرهم ما حذرهم فلما كانت ليلة السبت من شوال سنة خمس وكان مما صنع لرسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل أبو أبو سفيان رؤس غطفان إلى بني قريظة عكرمة بن أبي جهل في نفر من قريش وغطفان فقالوا لهم أنا لسنا بدار مقام قد هلك الخف والحافر فاغدوا للقتال حتى تناجزوا محمدا ونفرغ مما بيننا وبينه فقالوا لهم أن اليوم يوم السبت وهو يوم لا نعمل فيه شيئا وقد كان احدث بعضنا فيه حداث فأصابه ما لم يخف عليكم ولسنا مع ذلك بالذين نقاتل معكم حتى تعطونا رهنا من رجالكم يكونون بأيدينا ثقة لنا حتى نناجز محمدا فإنا نخشى إن ضرستكم الحرب واشتد عليكم القتال أن تسيروا إلى بالدكم وتتركونا والرجل في بلدنا ولا طاقة لنا بذلك من محمد فلما رجعت إليهم الرسل بذلك الذي قالت بنو قريظة قالت قريش وغطفان تعلمون والله أن الذي حدثكم نعيم بن مسعود لحق فأرسلوا إلى بني قريظة أنا والله لا ندفع إليكم رجلا واحدا من رجالنا وان كنتم تريدون القتال فأخرجوا فقاتلوا فقالت بنو قريظة حين انتهت إليهم الرسل بهذا أن الذي ذكر لكم نعيم بن مسعود لحق ما يريد القوم إلا أن يقاتلوا فإن وجدوا فرصة انتهزوها وان كان غير ذلك استمروا إلى بلادهم وخلوا بينكم وبين
(٥١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 509 510 511 512 513 514 515 516 517 518 519 ... » »»