تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٤٨٢
سورة الروم 28 29 28 (ضرب لكم مثلا من أنفسكم) أيبين لكم شبها بحالكم وذلك المثل من أنفسكم ثم بين المثل فقال (وهل لكم من ما ملكت أيمانكم) أي عبيدكم وإمائكم (من شركاء فيما رزقناكم) من المال (فأنتم) وهم (فيه سواء) أي شرع أي هل يشارككم عبيدكم في أموالكم التي أعطيناكم (تخافونهم كخيفتكم أنفسكم) أي تخافون أن يشاركوكم في أموالكم ويقاسموكم كما يخاف الحر شريكه الحر في المال يكون بينهما أن ينفرد فيه بأمر دونه وكما يخاف الرجل شريكه في الميراث وهو يحب أن ينفرد به قال ابن عباس تخافونهم أن يرثوكم كما يرث بعضكم بعضا فإذا لم تخافوا هذا من ماليككم ولم ترضوا ذلك لأنفسكم فكيف رضيتم أن تكونوا آلهتكم التي تعبدونها شركائي وهم عبيدي ومعنى قوله (أنفسكم) أي أمثالكم من الأحرار كقوله (ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا) أي بأمثالهم (كذلك نفضل الآيات لقوم يعقلون) ينظرون إلى هذه الدلائل بعقولهم 29 (بل اتبع الذين ظلموا) أشركوا بالله (أهواءهم) في الشرك (بغير علم) جهلا بما يجب عليهم (فمن يهدي من أضل الله) أي أضله الله (وما لهم من ناصرين) مانعين يمنعونهم من عذاب الله عز وجل سورة الروم 30 33 30 قوله تعالى (فأقم وجهك للدين) أي أخلص دينك لله قاله سعيد بن جبير وإقامة الوجه إقامة الدين وقال غيره سدد عملك والوجه ما يتوجه إليه الإنسان ودينه وعمله مما يتوجه إليه لتسديده (حنيفا) مائلا مستقيما عليه (فطرة الله) دين الله وهو نصب على الإغراء أي الزم فطرة الله (التي فطر الناس عليها) أي خلق الناس عليها وهذا قول ابن عباس وجماعة من المفسرين أن المراد بالفطرة الدين وهو الإسلام وذهب قوم إلى أن الآية خاصة في المؤمنين هم الذين فطرهم الله على الإسلام أخبرنا أبو علي حسان بن سعيد المنيعي أنا أبو طاهر محمد بن محمش الزيادي أنا أبو بكر محمد بت الحسين القطان أنا أحمد بن يوسف السلمي أنا عبد الرزاق أنا معمر عن همام بن منبه قال ثنا أبو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يولد يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تنتج البهيمة هل تجدون فيها من جدعاء حتى تكونوا أنتم تجدعونها قالوا يا رسول الله أفرأيت من يموت وهو صغير قال الله أعلم بما كانوا عاملين ورواه الزهري عن ابن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة من غير ذكر من يموت وهو ضغير وزاد ثم يقول أبو هريرة اقرؤا إن شئتم (فطرة الله التي فطر الناس عليها) قوله من يولد يولد على الفطرة يعني على العهد الذي أخذ الله عليهم بقوله (ألست بربكم قالوا بلى)
(٤٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 477 478 479 480 481 482 483 484 485 486 487 ... » »»