تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٣٧٤
سورة الفرقان من الآية 58 وحتى الآية 60 يدعونا إليه فلا نتبعه (إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا) هذا من الاستثناء المنقطع مجازه لكن من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا بالانفاق من ماله في سبيله فعل ذلك والمعنى لا أسألكم لنفسي أجرا ولكن لا أمنع من إنفاق المال في طلب مرضاة الله واتخاذ السبيل إلى جنته 58 (وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده) أي صل له شكرا على نعمه وقيل قل سبحان الله والحمد لله (وكفى به بذنوب عباده خبيرا) عالما بصغيرها وكبيرها فيجازيهم بها 59 (الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا) أي بالرحمن قال الكلبي يقول فاسأل الخبير بذلك يعني بما ذكرنا من خلق السماوات والأرض والاستواء على العرش وقيل الخطاب للرسول والمراد منه غيره لأنه كان مصدقا به والمعنى أيها الإنسان لا ترجح في طلب العلم بهذا إلى غيري وقيل الباء بمعنى عن أي فاسأل عنه خبيرا وهو الله عز وجل وقيل جبريل عليه السلام 60 (وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن) ما نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة يعنون مسيلمة الكذاب كانوا يسمونه رحمن اليمامة (أنسجد لما تأمرنا) قرأ حمزة والكسائي (يأمرنا) بالياء أي لما يأمرنا محمد بالسجود له وقرأ الآخرون بالتاء أي لما تأمرنا أنت يا محمد (وزادهم) يعني زادهم قول القائل لهم (اسجدوا للرحمن) (نفورا) عن الدين والإيمان 61 قوله عز وجل (تبارك الذي جعل في السماء بروجا) قال الحسن ومجاهد وقتادة النجوم هي النجوم الكبار سميت بروجا لظهورها وقال عطية العوفي بروجا أي قصورا فيها الحرس كما قال (ولو كنتم في بروج مشيدة) وقال عطاء عن ابن عباس هي البروج الاثنا عشر التي هي منازل الكواكب السبعة السيارة وهي الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس والجدي والدلو والحوت فالحمل والعقرب بيتا المريخ والثور والميزان بيتا الزهرة والجوزاء والسنبلة بيتا عطارد والسرطان بيت القمر والأسد بيت الشمس والقوس والحوت بيتا المشتري والجدي والدلو بيتا زحل وهذه البروج مقسومة على الطبائع الأربع فيكون نصيب كل واحد منها ثلاثة بروج تسمى المثلثات فالحمل والأسد والقوس مثلثة نارية والثور والسنبلة والجدي مثلثة أرضية والجوزاء والميزان والدلو مثلثة هوائية والسرطان والعقرب والحوت مثلثة مائية (وجعل فيها سراجا) يعني الشمس كما قال (وجعل الشمس سراجا) وقرأ حمزة والكسائي (سرجا) بالجمع يعني النجوم (وقمرا منيرا) والقمر قد دخل في السرج على قراءة من قرأ بالجمع غير أنه خصه بالذكر لنوع فضيلة كما
(٣٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 379 ... » »»