تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٣٦٧
المؤمنين حتى يكون عليهم أخف من صلاة مكتوبة صلوها في الدنيا \ 27 (ويوم يعض الظالم على يديه) أراد بالظالم عقبة بن أبي معيط وذلك أن عقبة كان لا يقدم من سفر إلا صنع طعاما فدعا إليه أشراف قومه وكان يكثر مجالسة النبي صلى الله عليه وسلم فقدم ذات يوم من سفر يصنع طعاما فدعا الناس ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قرب الطعام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ ما أنا بآكل طعامك حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله \ فقال عقبة أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم من طعامه وكان عقبة صديقا لأبي بن خلف فلما أخبر أبي بن خلف قال له يا عقبة صبأت قال لا والله ما صبأت ولكن دخل علي رجل فأبى أن يأكل طعامي إلا أن أشهد له فاستحييت أن يخرج من بيتي ولم يطعم فشهدت له فطعم فقال ما أنا بالذي أرضى عنك أبدا إلا أن تأتيه فتبزق في وجهه ففعل ذلك عقبة فقال عليه السلام \ لا ألقاك خارجا من مكة إلا علوت رأسك بالسيف \ فقتل عقبة يوم بدر صبرا وأما أبي بن خلف فقتله النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد بيده وقال الضحاك لما بزق عقبة في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد بزاقه في وجهه فاحترق خداه وكان أثر ذلك فيه حتى الموت وقال الشعبي كان عقبة بن أبي معيط خليل أمية بن خلف فأسلم عقبة فقال أمية وجهي من وجهك حرام أن بايعت محمدا فكفر وارتد فأنزل الله عز وجل (ويوم يعض الظالم) يعني عقبة بن أبي معيط بن عبد شمس بن مناف على يديه ندما وأسفا على ما فرط في جنب الله وأوبق نفسه بالمعصية والكفر بالله بطاعة خليله الذي صده عن سبيل ربه قال عطاء يأكل يديه حتى تبلغ مرفقيه ثم تنبتان ثم يأكل هكذا كلما نبتت يده أكلها تحسرا على ما فعل (يقول يا ليتني اتخذت) في الدنيا (مع الرسول سبيلا) ليتني اتبعت محمدا صلى الله عليه وسلم واتخذت معه سبيلا إلى الهدى قرأ أبو عمرو (يا ليتني اتخذت) بفتح الياء والآخرون بإسكانها 28 (يا ويلتا ليتني لم أتخذ فلانا خليلا) يعني أبي بن خلف 29 (لقد أضلني عن الذكر) عن الإيمان والقرآن (بعد إذ جاءني) يعني الذكر مع الرسول (وكان الشيطان) وهو كل متمرد عات من الإنس والجن وكل من صد عن سبيل الله فهو شيطان (للإنسان خذولا) أي تاركا يتركه ويتبرأ منه عند نزول البلاء والعذاب وحكم هذه الآية عام في حق كل متحابين اجتمعا على معصية الله أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا محمد بن العلاء أنا أبو أسامة عن يزيد عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال \ مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا خبيثة \ أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة أنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث ومحمد بن يعقوب الكسائي أنا عبد الله بن محمود أنا إبراهيم بن عبد الله الخلال ثنا عبد الله بن المبارك عن حياة بن شريح
(٣٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 ... » »»