سورة المؤمنون من الآية 67 وحتى الآية 71 66 (قد كانت آياتي تتلى عليكم) يعني القرآن (فكنتم على أعقابكم تنكصون) ترجعون القهقرى تتأخرون عن الإيمان 67 (مستكبرين به) اختلفوا في هذه الكناية فأظهر الأقاويل أنها تعود إلى البيت الحرام كناية عن غير مذكور أي مستكبرين متعظمين بالبيت الحرام وتعظمهم به أنهم كانوا يقولون نحن أهل حرم الله وجيران بيته فلا يظهر علينا أحد ولا نخاف أحد فيأمنون فيه وسائر الناس في الخوف هذا قول ابن عباس ومجاهد وجماعة وقيل مستكبرين به أي بالقرآن فلم يؤمنوا به والأول أظهر المراد منه الحرم (سامرا) نصب على الحال أي أنهم يسمرون بالليل في مجالسهم حول البيت ووحد سامرا وهو بمعنى السمار لأنه وضع موضع الوقت أراد تهجرون ليلا وقيل وجد سامر ومعناه الجمع كقوله (ثم نخرجكم طفلا) (تهجرون) قرأ نافع (تهجرون) بضم التاء وكسر الجيم من الإهجار وهو الإفحاش في القول أي تفحشون وتقولون الخنا وذكر أنهم كانوا يسبون النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وقرأ الآخرون (تهجرون) بفتح التاء وضم الجيم أي تعرضون عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الإيمان والقرآن وترفضونها وقيل هو من الهجر وهو القول القبيح يقال هجر يهجر هجرا إذا قال غير الحق وقيل تهزؤون وتقولون ما لا تعلمون من قولهم هجر الرجل في منامه إذا هذى 68 (أفلم يدبروا) يعني يتدبروا (القول) يعني ما جاءهم من القول وهو القرآن فيعرفوا ما فيه من الدلالات على صدق محمد صلى الله عليه وسلم (أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين) فأنكروا يريد إنا قد بعثنا من قبلهم رسلا إلى قومهم كذلك بعثنا محمدا صلى الله عليه وسلم إليهم وقيل أم بمعنى بل يعني جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين فلذلك أنكروا 69 (أم لم يعرفوا رسولهم) محمدا صلى الله عليه وسلم (فهم له منكرون) قال ابن عباس أليس قد عرفوا محمدا صلى الله عليه وسلم صغيرا وكبيرا وعرفوا نسبه وصدقه وأمانته ووفاءه بالعهود وهذا على سبيل التوبيخ لهم على الإعراض عنه بعدما عرفوه بالصدق والأمانة 70 (أم يقولوا به جنة) جنون وليس كذلك (بل جاءهم بالحق) يعني بالصدق والقول الذي لا تخفى صحته وحسنه على عاقل (وأكثرهم للحق كارهون) 71 (ولو اتبع الحق أهواءهم) قال ابن جريج ومقاتل والسدي وجماعة الحق هو الله أي لو اتبع الله
(٣١٣)