تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٣١٧
سورة المؤمنون من الآية 96 وحتى الآية 101 يوسوسه ثم أخبر أن هؤلاء الكفار الذين ينكرون البعث يسألون الرجعة إلى الدنيا عند معاينة الموت 99 فقال (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون) ولم يقل ارجعني وهو يسأل الله وحده الرجعة على عادة العرب فإنهم يخاطبون الواحد بلفظ الجمع على وجه التعظيم كما أخبر الله تعالى عن نفسه فقال إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ومثله كثير في القرآن وقيل هذا الخطاب مع الملائكة الذين يقبضون روحه ابتداء بخطاب الله لأنهم استغاثوا بالله أولا ثم رجعوا إلى مسألة الملائكة الرجوع إلى الدنيا 100 قوله تعالى (لعلي أعمل صالحا فيما تركت) أي ضيعت أن أقول لا إله إلا الله وقيل أعمل بطاعة الله قال قتادة ما تمنى أن يرجع إلى أهله وعشيرته ولا ليجمع الدنيا ويقضي الشهوات ولكن تمنى أن يرجع فيعمل بطاعة الله فرحم الله امرءا أعمل فيما يتمناه الكافر إذا رأى العذاب (كلا) كلمة ردع وزجر أي لا يرجع إليها (إنها) يعني سؤاله الرجعة (كلمة هو قائلها) ولا ينالها (ومن ورائهم برزخ) أي أمامهم وبين أيديهم حاجز (إلى يوم يبعثون) والبرزخ الحاجز بين الشيئين واختلفوا في معناه هاهنا فقال مجاهد حجاب بينهم وبين الرجوع إلى الدنيا وقال قتادة بقية الدنيا وقال الضحاك البرزخ ما بين الموت إلى البعث وقيل هو القبر وهم فيه إلى يوم يبعثون 101 (فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم) اختلفوا في هذه النفخة فروى سعيد بن جبير عن ابن عباس أنها النفخة الأولى (ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض) (فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون) ثم نفخ فيه نفخة أخرى فإذا هم قيام ينظرون وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون وعن ابن مسعود أنها النفخة الثانية قال يؤخذ بيد العبد والأمة يوم القيامة فينصب على رؤوس الأولين والآخرين ثم ينادي مناد هذا فلان ابن فلان فمن كان له قبله حق فليأت إلى حقه فيفرح المرء أن يكون له الحق على والده وولده وزوجته أو أخيه فيأخذ منه ثم قرأ ابن مسعود فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون وفي رواية عطاء عن ابن مسعود أنها الثانية فلا أنساب بينهم أي لا يتفاخرون بالأنساب يومئذ كما كانوا يتفاخرون في الدنيا ولا يتساءلون سؤال تواصل كما كانوا يتساءلون في الدنيا من أنت ومن أي قبيلة أنت ولم يرد أن الأنساب تنقطع فإن قيل أليس قد جاء في الحديث كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وسببي قيل معناه ينقطع يوم القيامة كل سبب ونسب إلا سببه ونسبه وهو الإيمان
(٣١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 ... » »»