سورة الأنبياء من الآية 88 وحتى الآية 92 صبر أولوا العزم من الرسل ولا تكن كصاحب الحوت) قوله (فظن أن لن نقدر عليه) أي لن نقضي عليه بالعقوبة قاله مجاهد وقتادة والضحاك والكلبي وهو رواية العوفي عن ابن عباس يقال قدر الله الشيء تقديرا وقدر يقدر قدرا بمعنى واحد ومنه قوله (نحن قدرنا بينكم الموت) في قراءة من خففها دليل هذا التأويل قراءة عمر بن عبد العزيز ولازهري (فظن أن لن نقدر عليه) بالتشديد وقال عطاء وكثير من العلماء معناه فظن أن لن نضيق عليه الحبس كقول الله تعالى (يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر) أي يضيق وقال ابن زيد هو استفهام معناه فظن أنه يعجز ربه فلا يقدر عليه وقرأ يعقوب يقدر بضم الياء على المجهول خفيف وعن الحسن قال بلغني أن يونس لما أصاب الذنب انطلق مغاضبا لربه واستنزله الشيطان حتى ظن أن لن نقدر عليه وكان له سلف وعبادة فأبى الله أن يدعه للشيطان فقذفه في بطن الحوت فمكث فيه أربعين من بين يوم وليلة وقال عطاء سبعة أيام وقيل ثلاثة أيام وقيل إن الحوت ذهب به مسيرة ستة آلاف سنة وقيل بلغ به تخوم الأرض السابعة فتاب إلى ربه تعالى في بطن الحوت وراجع نفسه فقال لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين حين عصيتك وما صنعت من شيء فلن أعبد غيرك فأخرجه الله من بطن الحوت برحمته والتأويلات المتقدمة أولى بحال الأنبياء أنه ذهب مغاضبا لقومه أو للملك (فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) يعني ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت وروي عن أبي هريرة مرفوعا أوحى الله إلى الحوت أن خذه ولا تخدش له لحما ولا تكسر له عظما فأخذه ثم هوى به إلى مسكنه في البحر فلما انتهى به إلى أسفل البحر سمع يونس حسا فقال في نفسه ما هذا فأوحى الله إليه أن هذا تسبيح دواب البحر قال فسبح وهو في بطن الحوت فسمعت الملائكة تسبيحه فقالوا يا ربنا نسمع صوتا ضعيفا بأرض غريبة وفي رواية صوتا معروفا من مكان مجهول فقال ذاك عبدي يونس عصاني فحبسته في بطن الحوت فقالوا العبد الصالح الذي كان يصعد إليك منه في كل يوم وليلة عمل صالح قال نعم فشفعوا له عند ذلك فأمر الحوت فقذفه إلى الساحل كما قال الله تعالى (فنبذناه بالعراء وهو سقيم) 88 فلذلك قوله عز وجل (فاستجبنا له) أي أجبناه (ونجيناه من الغم) من تلك الظلمات
(٢٦٦)