تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٢٦٣
يفتر عن الذكر والفكر وقال حبيب بن أبي ثابت لم يدع الله بالكشف عنه حتى ظهرت له ثلاثة أشياء أحدها قدم عليه صديقان حين بلغهما خبره فجاءا إليه ولم يبق له إلا عيناه فرأيا أمرا عظيما فقالا لو كان لك عند الله منزلة ما أصابك هذا والثاني أن امرأته طلبت طعاما فلم تجد ما تطعمه فباعت ذؤابتها وحملت إليه طعاما والثالث قول إبليس إني أداويه على أن يقول أنت شفيتني وقيل إن إبليس وسوس إليه أن امرأتك زنت فقطعت ذؤابتها فحينئذ عيل صبره فدعاه وحلف ليضربنها مائة جلدة وقيل معناه مسني الضر من شماتة الأعداء حتى روي أنه قيل له بعدما عوفي ما كان أشد عليك في بلائك قال شماتة الأعداء وقيل قال كذلك حين وقعت دودة من فخذه فردها إلى موضعها وقال كلي فقد جعلني الله طعامك فعضته عضة زاد ألمها على جميع ما قاساه من عض الديدان فإن قيل إن الله سماه صابرا وقد أظهر الشكوى والجزع بقوله (إني مسني الضر) و (إني مسني الشيطان بنصب) قيل ليس هذا شكاية إنما هو دعاء بدليل قوله تعالى (فاستجبنا له) على أن الجزع إنما هو في الشكوى إلى الخلق فأما الشكوى إلى الله عز وجل فلا يكون جزعا ولا ترك صبرا كما قال يعقوب (إنما أشكون بثي وحزني إلى الله) قال سفيان بن عيينة وكذلك من أظهر الشكوى إلى الناس وهو راض بقضاء الله لا يكون ذلك جزعا كما روي أن جبريل دخل على النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه فقال كيف تجدك قال أجدني مغموما وأجدني مكروبا وقال لعائشة حين قالت وا رأساه قال بل أنا وا رأساه 84 قوله (فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر) وذلك أنه قال له اركض برجلك فركض برجله فنبعت عين ماء بارد فأمره أن يغتسل منها ففعل فذهب كل داء كان بظاهره ثم مشى أربعين خطوة فأمره أن يركض برجله الأرض مرة أخرى ففعل فنبعت عين ماء بارد فأمره فشرب منها فذهب كل داء كان بباطنه فصار كأصح ما يكون من الرجال وأجملهم (وآتيناه أهله ومثلهم معهم) واختلفوا في ذلك فقال ابن مسعود وقتادة وابن عباس والحسن وأكثر المفسرين رد الله عز وجل إليه أهله وأولاده بأعيانهم أحياهم الله وأعطاهم مثلهم معهم وهو ظاهر القرآن قال الحسن آتاه الله المثل من نسل ماله الذي رد الله إليه وأهله يدل عليه ما روي عن الضحاك عن ابن عباس أن الله عز وجل رد إلى المرأة شبابها فولدت له ستة وعشرين ذكرا قال وهب كان له سبع بنات وثلاثة بنين وقال ابن يسار كان له سبع بنين وسبع بنات وروي عن أنس يرفعه أنه كان له أندران أندر للقمح وأندر للشعير فبعث الله عز وجل سحابتين فأفرغت إحداهما على أندر القمح الذهب وأفرغت الأخرى على أندر الشعير الورق حتى فاض وروي أن الله تعالى بعث إليه ملكا وقال له إن ربك يقرئك السلام بصبرك فأخرج على أندرك فخرج إليه فأرسل الله عليه جرادا من ذهب فطارت واحدة فاتبعها وردها إلى أندره فقال له الملك أما يكفيك في ما أندرك فقال
(٢٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 ... » »»