سورة الحج من الآية 11 حتى الآية 13 الدين أنه يعبد الله على حرف لأنه على طرف وجانب من الدين لم يدخل فيه على الثبات والتمكن كالقائم على حرف الجبل مضطرب غير مستقر يعرض أن يقع في أحد جانبي الطرف لضعف قيامه ولو عبدوا الله في الشكر على السراء والصبر على الضراء لم يكونوا على حرف قال الحسن هو المنافق يعبده بلسانه دون قلبه (فإن أصابه خير) صحة في جسمه وسعة في معيشته (اطمأن به) أي رضي به وسكن إليه (وإن أصابته فتنة) بلاء في جسده وضيق في معيشته (انقلب على وجهه) ارتد ورجع على عقبه إلى الوجه الذي كان عليه من الكفر (خسر الدنيا) يعني هذا الشاك خسر الدنيا بفوات ما كان يؤمله (والآخرة) بذهاب الدين والخلود في النار قرأ يعقوب (خاسر) بالألف (والآخرة) جر (ذلك هو الخسران المبين) الظاهر 12 (يدعو من دون الله ما لا يضره) إن عصاه ولم يعبده (وما لا ينفعه) إن أطاعه وعبده (ذلك هو الضلال البعيد) عن الحق والرشد 13 (يدعو لمن ضره أقرب من نفعه) هذه الآية من مشكلات القرآن وفيها أسئلة أولها قالوا قد قال الله في الآية السابقة يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه وقال هاهنا لمن ضره أقرب من نفعه فكيف التوفيق بينهما في قوله في الآية الأولى (يدعو من دون الله ما لا يضره) أي لا يضره ترك عبادته وهو قوله (لمن ضره أقرب من نفعه) أي ضر عبادته فإن قيل قد قال لمن ضره أقرب من نفعه ولا نفع في عبادة الصنم أصلا قيل هذا على عادة العرب فإنهم يقولون لما لا يكون أصلا بعيد كقوله (ذلك رجع بعيد) أي لا رجع أصلا فلما كان نفع الصنم بعيدا على معنى أنه لا نفع فيه أصلا قيل ضره أقرب من نفعه لأنه كائن السؤال الثالث قوله (لمن ضره أقرب من نفعه) ما وجه هذه اللام اختلفوا فيه فقال بعضهم هي صلة مجازها يدعو من ضره أقرب وكذلك قرأها ابن مسعود وقيل يدعو بمنى يقول والخبر محذوف أي يقول لمن ضره أقرب من نفعه هو إله وقيل معناه يدعو لمن ضره أقرب من نفعه يدعو فحذف يدعو الأخيرة اجتزاء بالأولى ولو قلت يضرب لمن خيره أكثر من شره يضرب ثم يحذف الأخير جاز وقيل على التوحيد معناه يدعو والله لمن ضره أقرب من نفعه وقيل (يدعو من) صلة قول ذلك هو الضلال البعيد يقول ذلك هو الضلال البعيد يدعو ثم استأنف فقال لمن ضره أقرب من نفعه فيكون (من) في محل الرفع بالابتداء وخبره (لبئس المولى) أي الناصر وقيل المعبود (ولبئس العشير) أي الصاحب والمخالط يعني الوثن والعرب تسمي الزوج العشير لأجل المخالطة
(٢٧٧)