تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٢٨
سورة إبراهيم من الآية 10 وحتى الآية 12 أنتم (إلا بشر مثلنا) في الصورة والجسم ولستم ملائكة وإنما (تريدون) بقولكم (أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين) حجة بينة على صحة دعواكم 11 (قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده) بالنبوة والحكمة (وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون) 12 (وما لنا أن لا نتوكل على الله) وقد عرفنا أن لا ننال شيئا إلا بقضائه وقدره (وقد هدانا سبلنا) بين لنا الرشد وبصرنا طريق النجاة (ولنصبرن) اللام لام القسم مجازا والله لنصبرن (على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون) 13 (وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا) يعنون إلا أن ترجعوا أو حتى ترجعوا إلى ديننا (فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين) 14 (ولنسكننكم الأرض من بعدهم) أي بعد هلاكهم (ذلك لمن خاف مقامي) أي خاف قيامه بين يدي كما قال (ولمن خاف مقام ربه جنتان) فأضاف قيام العبد إلى نفسه كما تقول ندمت على ضربك أي على ضربي إياك (وخاف وعيد) أي عقابي 15 قوله (واستفتحوا) أي استنصروا قال ابن عباس ومقاتل يعني الأمم وذلك أنهم قالوا اللهم إن كان هؤلاء الرسل صادقين فعذبنا نظيره قوله تعالى (وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء) وقال مجاهد وقتادة واستفتحوا يعني الرسل وذلك أنهم لما يئسوا من إيمان قومهم استنصروا الله ودعوا على قومهم بالعذاب كما قال نوح (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا) وقال موسى (ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم) الآية (وخاب) خسر وقيل هلك (كل جبار عنيد) والجبار الذي لا يرى فوقه أحدا والجبرية طلب العلو بما لا غاية وراءه وهذا الوصف لا يكون إلا لله عز وجل وقيل الجبار
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»