تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٢٩
سورة إبراهيم من الآية 13 وحتى الآية 17 الذي يجبر الخلق على مراده والعنيد المعاند للحق ومجانبه قاله مجاهد وعن ابن عباس هو المعرض عن الحق وقال مقاتل هو المتكبر وقال قتادة العنيد الذي أبى أن يقول لا إله إلا الله 16 (من ورائه جهنم) أي أمامه كقوله تعالى (وكان وراءهم ملك) أي أمامهم قال أبو عبيدة هو من الأضداد وقال الأخفش هو كما يقال هذا الأمر من ورائك يريد أنه سيأتيك وأنا من وراء فلان يعني أصل إليه وقال مقاتل من ورائه جهنم أي بعده (ويسقى من ماء صديد) أي من ماء هو صديد وهو ما يسيل به أبدان الكفار من القيح والدم وقال محمد بن كعب ما يسيل من فروج الزناة يسقاه الكافر 17 (يتجرعه) أي يتحساه ويشربه لا بمرة واحدة بل جرعة جرعة لمرارته وحرارته (ولا يكاد يسيغه) يكاد صلة أي لا يسيغه كقوله تعالى (لم يكد يراها) أي لم يرها قال ابن عباس لا يجيزه وقيل معناه يكاد لا يسيغه ويسيغه فيغلي في جوفه أخبرنا محمد بن عبد الله بن أبي توبة أنا محمد بن أحمد بن الحارث أنبأنا محمد بن يعقوب الكسائي أنا عبد الله بن محمود أنا إبراهيم بن عبد الله الخلال ثنا عبد الله بن المبارك عن صفوان بن عمرو عن عبد الله بن بشر عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله (ويسقى من ماء صديد يتجرعه) قال يقرب إلى فيه فيكرهه فإذا أدني منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه فإذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره يقول الله عز وجل (وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم) ويقول (وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه) (ويأتيه الموت من كل مكان) يعني يجدهم الموت وألمه من كل مكان من أعضائه قال إبراهيم التيمي حتى من تحت كل شعرة من جسده وقيل يأتيه الموت من قدامه ومن خلفه ومن فوقه ومن تحته وعن يمينه وعن شماله (وما هو بميت) فيستريح قال ابن جريج تعلق بنفسه عند حنجرته ولا تخرج من فيه فيموت ولا ترجع إلى مكانها من جوفه فتنفعه الحياة نظيرها (لا يموت فيها ولا يحيى) (ومن ورائه) أمامه (عذاب غليظ) شديد وقيل العذاب الغليظ الخلود في النار 18 (مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم) يعني مثل أعمال الذين كفروا بربهم كقوله تعالى (ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة) أي ترى وجوه الذين كذبوا على الله مسودة
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»