تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ١٩٨
سورة مريم من الآية 47 وحتى الآية 51 سالما لا تصيبك مني معرة يقال فلان ملي بأمر كذا إذا كان كافيا 47 (قال) إبراهيم (سلام عليك) أي سلمت مني لا أصيبك بمكروه وذلك أنه لم يؤمر بقتاله على كفره وقيل هذا سلام هجران ومفارقة وقيل سلام بر ولطف وهو جواب الحليم للسفيه قال الله تعالى (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) (سأستغفر لك ربي) قيل إنه لما أعياه أمره ووعده أن يراجع الله فيه فيسأله أن يرزقه التوحيد ويغفر له معناه سأسأل الله تعالى لك توبة تنال بها المغفرة (إنه كان بي حفيا) برا لطيفا قال الكلبي عالما يستجيب لي إذا دعوته قال مجاهد عودني الإجابة لدعائي 48 (وأعتزلكم وما تدعون من دون الله) أي أعتزل ما تعبدون من دون الله قال مقاتل كان اعتزاله إياهم أنه فارقهم من كوثى فهاجر منها إلى الأرض المقدسة (وأدعو ربي) أي أعبد ربي (عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقيا) أي عسى أن لا أشقى بدعائه وعبادته كما أنتم تشقون بعبادة الأصنام وقيل عسى أن يجيبني إذا دعوته ولا يجيبني 49 (فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله) فذهب مهاجرا 50 (ووهبنا لهم من رحمتنا) أي نعمتنا قال الكلبي المال والولد وهو قول الأكثرين قالوا معناه ما بسط لهم في الدنيا من سعة الرزق وقيل الكتاب والنبوة (وجعلنا لهم لسان صدق عليا) يعني ثناء حسنا رفيعا في كل أهل الأديان فكلهم يتولونهم ويثنون عليهم 51 قوله عز وجل (واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا) غير مراء أخلص العبادة والطاعة لله عز وجل وقرأ أهل الكوفة (مخلصا) بفتح اللام أي مختارا اختاره الله عز وجل وقيل أخلصه الله من الدنس (وكان رسولا نبيا) 52 (وناديناه من جانب الطور الأيمن) يعني يمين موسى والطور جبل بين مصر ومدين ويقال اسمه الزبير وذلك حين أقبل من مدين ورأى النار (فنودي يا موسى إني أنا الله رب العالمين) (وقربناه نجيا) أي مناجيا فالنجي المناجي كما يقال جليس ونديم قال ابن عباس معناه قربه
(١٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 ... » »»