سورة مريم من الآية 58 وحتى الآية 59 أتى ملك الموت فقال له لي حاجة إليك فقال وما هي فقال صديق لي من بني آدم تشفع بي إليك لتؤخر أجله قال ليس ذلك إلي ولكن إن أحببت أعلمته أجله متى يموت فيقدم لنفسه قال نعم فنظر في ديوانه فقال إنك كلمتني في إنسان ما أراه يموت أبدا قال وكيف ذلك قال لا أجده يموت إلا عند مطلع الشمس قال فإني أتيتك وتركته هناك قال فانطلق فلا أراك تجده إلا وقد مات فوالله ما بقي من أجل إدريس شيء فرجع الملك فوجده ميتا واختلفوا في أنه حي في السماء أم ميت فقال قوم هو ميت وقال قوم هو حي وقالوا أربعة من الأنبياء في الأحياء اثنان في الأرض الخضر وإلياس واثنان في السماء إدريس وعيسى وقال وهب كان يرفع لإدريس كل يوم من العبادة مثل ما يرفع لجميع أهل الأرض في زمانه فعجب منه الملائكة واشتاق إليه ملك الموت فاستأذن ربه عز وجل في زيارته فأذن له فأتاه في صورة بني آدم وكان إدريس يصوم الدهر فلما كان وقت إفطاره دعاه إلى طعامه فأبى أن يأكل معه ففعل ذلك ثلاث ليال فأنكره إدريس فقال له في الليلة الثالثة إني إريد أن أعلم من أنت فقال أنا ملك الموت استأذنت ربي أن أصحبك قال فلي إليك حاجة قال وما هي قال تقبض روحي فأوحى الله إليه أن أقبض روحه فقبض روحه وردها الله إليه بعد ساعة قال له ملك الموت ما الفائدة في سؤالك قبض الروح قال لأذوق كرب الموت وغمه لأكون أشد استعدادا له ثم قال إدريس له إن لي إليك حاجة أخرى قال وما هي قال ترفعني إلى السماء لأنظر إليها وإلى الجنة والنار فأذن الله في رفعه فلما قرب من النار قال لي حاجة أخرى قال وما تريد قال تسأل مالكا حتى يفتح لي أبوابها فأردها ففعل ثم قال فكما أريتني النار فأرني الجنة فذهب به إلى الجنة فاستفتح ففتحت أبوابها فأدخله الجنة ثم قال له ملك الموت اخرج لتعود إلى مقرك فتعلق بشجرة وقال لا أخرج منها فبعث الله ملكا حكما بينهما فقال له الملك مالك لا تخرج قال لأن الله تعالى قال (كل نفس ذائقة الموت) وقد ذقته وقال (وإن منكم إلا واردها) وقال (وما هم منها بمخرجين) فلست أخرج فأوحى الله إلى ملك الموت بإذني دخل الجنة وبأمري لا يخرج فهو حي هناك فذلك قوله تعالى (ورفعناه مكانا عليا) 58 (أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم) أي إدريس ونوحا (وممن حملنا مع نوح) أي ومن ذرية من حملنا مع نوح في السفينة يريد إبراهيم لأنه ولد سام بن نوح (ومن ذرية إبراهيم) يريد إسماعيل وإسحاق ويعقوب قوله (وإسرائيل) أي ومن ذرية إسرائيل وهم موسى وهارون وزكريا ويحيى (وممن هدينا واجتبينا) هؤلاء كانوا من أرشدنا واصطفينا (إذا تتلى
(٢٠٠)