تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ١٢١
سورة الإسراء من الآية 58 وحتى الآية 59 قال عبادة ابن الصامت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول \ إن أول ما خلق الله القلم فقال اكتب فقال ما أكتب قال القدر وما كان وما هو كائن إلى الأبد \ 59 قوله (وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون) قال ابن عباس سأل أهل مكة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهبا وأن ينحي الجبال عنهم فيزرعوا فأوحى الله تعالى إلى رسوله صلى الله عليه وسلم إن شئت أن أستأني بهم فعلت وإن شئت أن أوتيهم ما سألوا فعلت فإن لم يؤمنوا أهلكهم كما أهلكت من كان قبلهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم \ لا بل تستأني بهم \ فأنزل الله عز وجل (وما منعنا أن نرسل بالآيات) التي سألها كفار قريش (إلا أن كذب بها الأولون) فأهلكناهم فإن لم يؤمن قومك بعد إرسال الآيات أهلكناهم لأن من شأننا في الأمم بالعذاب فقال جل ذكره (بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر) ثم قال (وآتينا ثمود الناقة مبصرة) مضيئة بينة (فظلموا بها) أي جحدوا بها أنها من عند الله كما قال (وما كانوا بآياتنا يظلمون) أي يجحدون وقيل ظلموا أنفسهم بتكذيبها يريد فعاجلناهم بالعقوبة (وما نرسل بالآيات) أي العبر والدلالات (إلا تخويفا) للعباد ليؤمنوا قال قتادة إن الله تعالى يخوف الناس بما شاء من آياته لعلهم يرجعون 60 قوله عز وجل (وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس) أي هم في قبضته لا يقدرون على الخرود عن مشيئته فهو حافظك ومانعك منهم فلا تهبهم وامض إلى ما أمر الله به من تبليغ الرسالة كما قال (والله يعصمك من الناس) (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس) فالأكثرون على أن المراد منه ما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج من العجائب والآيات قال ابن عباس هي رؤيا عين أريها النبي صلى الله عليه وسلم وهو قول سعيد بن جبير والحسن ومسروق وقتادة ومجاهد وعكرمة وابن جريج والأكثرين والعرب تقول رأيت بعين رؤية ورؤيا فلما ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس أنكر بعضهم ذلك وكذبوا وكان فتنة للناس وقال قوم أسرى بروحه دون بدنه وقال بعضهم كان له معراجان معراج رؤية بالعين ومعراج رؤيا بالقلب وقال قوم أراد بهذه الرؤيا ما رأى صلى الله عليه وسلم عام الحديبية أنه دخل مكة هو وأصحابه فجعل السير إلى مكة قبل
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»