تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ١٢٠
سورة الإسراء من الآية 55 وحتى الآية 57 أهل السماوات والأرض مختلفين كما فضل بعض النبيين على بعض قال قتادة في هذه الآية اتخذ الله إبراهيم خليلا وكلم الله موسى تكليما وقال لعيسى كن فيكون وآتى سليمان ملكا عظيما لا ينبغي لأحد من بعده وآتى داود زبورا كما قال (وآتينا داود زبورا) والزبور كتاب علمه الله داود يشتمل على مائة وخمسين سورة كلها دعاء وتمجيد وثناء على الله عز وجل وليس فيها حرام ولا حلال ولا فرائض ولا حدود معناه إنكم لم تنكروا تفضيل النبيين فكيف تنكرون فضل النبي صلى الله عليه وسلم وإعطاءه القرآن وهذا خطاب مع من يقر بتفضيل الأنبياء عليهم السلام من أهل الكتاب وغيرهم 56 قوله عز وجل (قل ادعوا الذين زعمتم من دونه) وذلك أن المشركين أصابهم قحط شديد حتى أكلوا الكلاب والجيف فاستغاثوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ليدعو لهم قال الله تعالى (قل) للمشركين (ادعوا الذين زعمتم أنها آلهة من دونه) (فلا يملكون كشف الضر) القحط والجوع (عنكم ولا تحويلا) إلى غيركم أو تحويل الحال من العسر إلى اليسر 57 (أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة) يعني الذين يدعونهم المشركون أنهم آلهة يعبدونهم قال ابن عباس ومجاهد وهم عيسى وأمه وعزير والملائكة والشمس والقمر والنجوم يبتغون أي يطلبون إلى ربهم الوسيلة أي القربة وقيل الوسيلة الدرجة العليا أي يتضرعون إلى الله في طلب الدرجة العليا وقيل الوسيلة كلما يتقرب به إلى الله تعالى وقوله (أيهم أقرب) معناه ينظرون أيهم أقرب إلى الله فيتوسلون به وقال الزجاج أيهم أقرب يبتغي الوسيلة إلى الله تعالى ويتقرب إليه بالعمل الصالح (ويرجون رحمته) جنته (ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا) أي يطلب منه الحذر وقال عبد الله بن مسعود نزلت الآية في نفر من العرب كانوا يعبدون نفرا من الجن فأسلم الجنيون ولم يعلم الإنس الذين كانوا يعبدونهم بإسلامهم فتمسكوا بعبادتهم فعيرهم الله وأنزل هذه الآية وقرأ ابن مسعود (الذين تدعون) بالتاء 58 (وإن من قرية) وما من قرية (إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة) أي مخربوها ومهلكوها أهلها (أو معذبوها عذابا شديدا) بأنواع العذاب إذا كفروا وعصوا وقال مقاتل وغيره مهلكوها في حق المؤمنين بالإماتة ومعذبوها في حق الكفار بأنواع العذاب قال عبد الله بن مسعود إذا ظهر الزنا والربا في قرية أذن الله في إهلاكها (كان ذلك في الكتاب) في اللوح المحفوظ (مسطورا) مكتوبا
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»